IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الأحد في 11/08/2019

أضحى مبارك وكل عام وأنتم بخير.

بمعزل عن حسابات الربح والخسارة، التي يحاول البعض أن يتسلى بها عن تشاطر وتذاكي وتشفي وتصفية حسابات واثارة حساسيات وادعاء معرفة، فإن ما حصل بعد صيام 40 يوما عن الحل والمخرج، شكل ربحا لفكرة الدولة ومنطق التوافق ومبدأ الفصل بين الخلافات.

عمليا لم يربح أحد بالمطلق، ولم يخسر أحد بالكامل، ولم يصب أحد بجروح خطيرة استدعت خروجه من المشهد الداخلي ونقله إلى غرفة العناية السياسية. الجميع ربح والجميع تنازل لمصلحة التسوية الكبرى التي أثبتت مرة جديدة أنها عصية على السقوط، وأنها جديرة بالحياة والاستمرار رغم هنات وزلات وهفوات.

لم يطرح المجلس العدلي ولم يمر، لكن ثنائية القرار الدرزي تكرست بغض النظر عن الأحجام والكلام، وأن المشكلة التي تجند البلد لحلها والحد من تداعياتها، كانت مشكلة درزية داخلية وليس مشكلة مسيحية- درزية، كما حاول بعض أصحاب الرؤوس المريضة تصويرها.

أثبت اجتماع بعبدا أن ما جمعه التفاهم بين الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، لا تفرقه قبرشمون ولا جو مشحون ولا حفلة جنون. المسارات الثلاثة التي طرحها الرئيس عون سارت ووصلت. والرئيس الحريري الذي حيد مجلس الوزراء عن الالتحام والاقتحام والامساك بالخناق، نجح وأبعد الكأس المرة عن حكومته. والرئيس بري الذي استعان بمخزون وافر من الحنكة والحكمة، أوصل المصالحة إلى بعبدا لتدخلها آمنة برعاية وعناية الرئيس عون. أما كاسحة الألغام عباس ابراهيم فأظهر مرة جديدة أنه يجمع حيث يفرق الآخرون، وأنه يقرب حيث يباعدون، وأنه يبني جسور تواصل وعمارات حوار ويفتح ثغرات عميقة في جدران سوء الفهم.

لكن الأبرز والأهم في ما تحقق، والذي أثبتته أيام المطهر والمصهر الأخيرة، هو أن لبنان يهتز ولا يقع، والدولة تتعثر ولا تسقط. صحيح أن الازدهار منتظر لكن الانهيار مستبعد. تصل الأمور إلى حافة الهاوية وتعود عنها بسحر ساحر وقدرة قادر. تعلم أفرقاء الداخل أن هناك حدودا للعبة وهامشا للمناورة. وتأكد أفرقاء الخارج أن لا حدود للتدحرج والتراجع للمنطقة إذا سقط البلد الصغير في الرهان الكبير.

انتهى صيام الأزمة، وفطر اللبنانيون على دينامية جديدة، قد تؤسس للنصف الثاني من عمر العهد، حيث لا تهويل ولا تهبيط حيطان ولا سيناريوهات من صنع عقول مريضة ونفوس بغيضة.

كل طرف بات يدرك حجمه وحدود تحركه وهامش معاركه. نظرية المحاور أظهرت عدم جدواها في الداخل، والكلام الثقيل الذي يطلقه أصحاب الأوزان الخفيفة عن اسقاط العهد أظهر أنه نكتة لا يضحك لها أحد. ولأن التفاهم لم يسقط كما أمل وعمل وحلم كثيرون، فذلك يعني أمرا جليا: فرصة جديدة متاحة للتعافي.