أحصنة طروادة… والآتي القريب … وعادت قوى الثالث عشر من تشرين 1990 لتطل برأسها عام 2019.
فأحصنة طروادة التي شقت طريق الوصاية قبل 29 عاما، عسكريا وسياسيا، واعتادت ارتياد مكاتب مخابراتها، متوسلة أعتاب ضباطها، ومشاركة في إخفاء مواطنين لبنانيين قسرا، أو صامتة حول قضيتهم سنوات طويلة، عادت اليوم لتحاضر بالسيادة والاستقلال، رافضة تواصل الحكومتين اللبنانية والسورية، لمجرد محاولة حل معضلتين أساسيتين يشكو منهما لبنان: الاختناق الاقتصادي جراء الوضع على الحدود، والاكتظاظ البشري جراء وجود مليون ونصف المليون نازح سوري على اراضيه.
وأحصنة طروادة التي استفادت أو تفرجت على مدى 15 عاما وأكثر، على قمع الحريات وترهيب الناشطين وضربهم والتنكيل بهم واعتقالهم والزج بهم في السجون- هذا إذا لم نعد أكثر إلى الوراء، أي إلى دورها في مرحلة الحرب- ترفع اليوم شعار رفض قمع الحريات، وكأن الحرية هي حرية الشتيمة وحرية الإهانة وحرية التعرض للكرامات، لا حرية ابداء الرأي، وحرية المعتقد، وحرية التظاهر وسائر الحريات العامة المكفولة بموجب الدستور والقوانين ووفق
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وسائر الشرع والمواثيق الأممية.
وأحصنة طروادة تلك، التي تنادي زورا بالحريات، والتي تقيم الدنيا ولا تقعدها عند استدعاء شتام أمام القضاء، تراها اليوم ترفع عشرات الدعاوى في حق ناشطين على مواقع التواصل، وكأن الفعل إذا صدر عنها تقدير للحرية، وإذا صدر عن القضاء، تحقير لها واعتداء عليها.
وأحصنة طروادة إياها التي عبدت طريق انتهاك الميثاق اعتبارا من تعيين النواب عام 1991، وضرب الديموقراطية مع اجراء انتخابات نيابية بقانون مشوه، وبمشاركة شعبية لم تتجاوز ال 13 بالمئة عام 1992، إلى جانب التلاعب بالديموغرافيا من خلال مرسوم التجنيس الشهير عام 1994، لا تخشى تأنيب الضمير أو وخز الوجدان من الكلام على انتظار الجثث على ضفاف الأنهر، هي التي كادت ارتكاباتها تحول الوطن برمته إلى جثة.
وأحصنة طروادة التي شرعت طيلة ثلاثة عقود، أبواب السرقة تحت مسمى الهدر، لا تستحي من المنادة بمكافحة الفساد الذي أضحى ثقافة لدى البعض، ومن توجيه الاتهامات بلا أساس، ولاسيما في وجه أول من رفع الراية منذ عام 2005 على الأقل.
وأحصنة طروادة التي استقتلت وتستقتل من أجل فتات حصة في التعيينات، لا تخجل ابدا من المناداة برفض المحاصصة، والكلام على معيار الكفاءة…
إذا لم تستح، فافعل ما شئت… هذا المنطق يبدو سائدا اليوم على بعض الساحة السياسية والإعلامية في لبنان:
إذا لم تستح، إكذب.
إذا لم تستح، كن وقحا.
إذا لم تستح، اتهم غيرك بما انت فيه.
إنها ثلاثية قوى 13 تشرين منذ العام 1990 وحتى العام 2019.
ثلاثية شهر في وجهها جبران باسيل أمس ثلاثية أخرى مواجهة:
أولا: سنواجه أي صفقة على حساب وحدة لبنان.
ثانيا: سنواجه توطين اللاجئين أو النازحين كتهديد وجودي باستخدام الديمغرافيا من أجل تصفية الكيان.
ثالثا: سنواجه أي إلغاء لأي طائفة، لأن في ذلك الغاء للبنان…
صحيح أن قوى 13 تشرين عادت لتطل برأسها اليوم.
لكن مفاعيل 13 تشرين السابق رفضها مواطنون، وداسها مناضلون، وأسقطها شهداء وابطال… ومن قام من تحت أنقاض 13 تشرين 1990، لن صعب عليه القيامة من موت الشائعات والأضاليل ومؤامرات بعض الداخل والخارج عام 2019… والأهم… أنه لن يتردد طويلا في قلب الطاولة السياسية على جميع المخطئين والمسيئين، متى حان الوقت، والوقت قريب.