منذ ثلاثين سنة وأكثر، “أنا ناطركن”…
منذ ندائي الشهير: “يستطيع العالم أن يسحقني… لكنه لن يأخذ توقيعي”، وحتى ندائي اليوم.
في كل يوم من أيام السنوات الثلاثين وأكثر، كنت أحدثكم بعناوين ثلاثة:
الأول، الحرية والسيادة والاستقلال. الثاني، الشراكة والميثاق. الثالث، التغيير والإصلاح.
لتحقيق العنوان الأول، انتظرتكم خمسة عشر عاما في المنفى، بين عامي 1990 و2005، ولم أعد إلا وقد حققت وعدي للشهداء، ولكل من ضحى وتأمل.
لتحقيق العنوان الثاني، انتظرتكم أحد عشر عاما، بين عامي 2005 و2016، لكن هذه المرة في الرابية. من هناك، كلمتكم عن المناصفة والتنوع، وناديت باحترام الدستور وصوت الناس، وتكريس الميثاق عبر الإطاحة بقانون الانتخاب المجحف، وبالتوازن المفقود على رأس السلطة.
أما لتحقيق العنوان الثالث، فانتظرتكم منذ عام 2005، “وأنا ناطركن” اليوم.
في مواجهة طرحي الإصلاحي الوطني، رسموا الخطوط الحمر، طائفيا ومذهبيا، وأنتهم تشهدون.
ولإسقاط مشاريع واقتراحات القوانين التي قدمت، شهروا سلاح العدد، وأنتم تعرفون. ولهذا بالتحديد، نامت في الأدراج قوانين إنشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية ورفع السرية المصرفية ورفع الحصانة، واستعادة الأموال المنهوبة. ولتصويري واحدا ممن وقفت دوما في وجههم، رفعوا في وجهي سلاح التعميم، والشعار الشهير “كلن يعني كلن”، صرت أنا المقصود فيه.
هكذا، نجح أرباب الفساد منذ كنت في المنفى، وأركان النهب والهدر والسرقة، منذ كان أنصاري أطفالا وشبابا، هم اليوم المنادون بالشعارات التي أمضيت عمري مناضلا سبيلها… لكن للمفارقة، يرفعونها اليوم ضدي، بلعبة إعلامية واضحة، تجر خلفها مواطنين يحملون هموما هي أساسا همومنا، وآمالا وطموحات هي في الأساس، آمالنا وطموحاتنا.
لكن، مرة جديدة، أنا أمام التحدي الكبير. فبنظافتي وسجلي الأبيض، الذي ليس فيه لا عمالة ولا عمولة ولا دم، والذي منع العالم كله من سحقي في السابق، سأمنع اليوم جهات مفضوحة من سحق تحرك الناس.
فيا أيها المنتفضون في الشارع: صوتكم هو صوتي. لكن، حتى لا يذهب صوتكم هدرا، ولن يذهب، ساعدوني في الضغط على نوابكم كي يقروا القوانين الإصلاحية الأربعة المعروفة… وحتى لا يذهب صوتكم هدرا، ولن يذهب، احذروا من الانجرار إلى ما قد يسبب الانهيار المالي. أما الواقع الحكومي، فإعادة النظر فيه من باب التحصيل الحاصل، ضمن الأطر الدستورية.
هذه في ببساطة، رسالة رئيس البلاد اليوم. رسالة رحبت بمضمونها بكركي، ولاقت مواكبة فورية من رئيس الحكومة. أما السخافات المتناقلة عبر بعض مواقع التواصل، والتفاهات التي يتعمد البعض إلهاء الناس بها، لحرف الأنظار عن الجوهر، فسترتد على أصحابها عاجلا أم آجلا، تماما كما يرتد في كل يوم الاعتداء على حرية الصحافة والإعلام الاستهداف الممنهج للزميلات والزملاء في الـ OTV، لا لشيء، سوى لإصرارهم على احترام جميع الآراء، ونقل الرأي الآخر كما هو، من دون زيادة ولا نقصان.