المصالحة المسيحية حية، وتفاهم معراب لم يمت.
هذا هو على الأقل، موقف التيار الوطني الحر اليوم، وهكذا كان منذ اليوم الأول.
موقف قد يراه البعض بعيدا من الواقعية، بعدما صدم الرأي العام بما جرى أمس من تسريب مجتزأ لبنود اتفاق مهر بكلمتي “سري للغاية”.
غير أن ما حدث مساء أمس، لا يفسد في الود قضية، أقله من جانب التيار، غير أنه يدفع بالمواطنين الى طرح جملة من الاسئلة، منها:
أولا، كيف تتوقع القوات اللبنانية بعد اليوم أن يصدق الناس طوباويتها، وترفعها عن المحاصصة، في وقت كشفت بنود الاتفاق المسربة مدى اهتمامها بالحصص الوزارية والادارية، كمعبر الزامي لإنهاء الشغور الرئاسي؟
ثانيا، لماذا أقدمت القوات على التسريب، بعد زيارة رئيسها لبعبدا ورياشي لباسيل؟ وهل هناك من وراء الحدود من يدفع بها وبسواها الى التصعيد لمنعِ التشكيل؟ مع الاشارة الى ان الوزير جبران باسيل كان اول من تحدث عن بنود الاتفاق، معددا عناوينها العريضة خلال حلقته التلفزيونية الاخيرة، ومفضلا في الوقت نفسه عدم توزيع النص لعدم صبِّ الزيت على النار، حفاظا على ما تبقى.
ثالثا، ألا يؤكد التسريب المؤكد، لناحية أن جوهر تفاهم معراب سياسي؟ وهل من المنطق أن تطالب القوات بتطبيق الفرع، أي التوزير والتعيينات، طالما لم تلتزم بالأصل، أي دعم العهد؟ وألا يدفع ما جرى بالناس الى تذكر المحطات التي تعرض فيها تفاهم معراب للخرق من جانب القوات، بدءا بالترشيحات النيابية بلا تنسيق، ثم ازمة الرئيس الحريري في السعودية، واتهام العهد والتيار من دون سواهما بالفساد، فضلا عن محاولة ضرب الاعراف الخاصة بحق أي رئيس في تعيينات محددة، منذ اليوم الاول للعهد؟
مهما يكن من أمر، المصالحة المسيحية حية، وتفاهم معراب لم يمت. وهذا الموقف ثابت على ضفَّة التيار.
أما أن تنتخب القوات ميشال عون رئيسا، ثم تبذل الجهود المضنية لإفشاله، فهذا فخ لن يقع فيه التيار. فليس هكذا يكون دعم الرئيس، التزاما باتفاق معراب.
ومن هذا المنطلق، ومن حيث المبدأ، يبقى من حق التيار أن يتخذ الموقف الذي يراه مناسبا حيال التشكيلة الحكومية الراهنة، لأن التجربة الحكومية السابقة، أثبتت بالدليل القاطع ان النوايا مبيتة لا حسنة، وان دعم العهد هدف خارج جدول الاعمال.