Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم السبت في 04/01/2020

أراد دونالد ترامب من خلال اعطائه الأمر بقتل قاسم سليماني، أن يكون أول رئيس أميركي يأمر بأول اغتيال مباشر لأول مسؤول ايراني كبير، في خطوة لم تقدم عليها اسرائيل- التي كانت تنتظر فرصتها ربما- وهو أرادها ضربة انتخابية ترفع من شعبيته وتحد من تراجع شرعيته المهتزة أصلا، بفعل الملفات المفتوحة في وجهه من خصومه والحلفاء على حد سواء داخل بلاده.

في العام 1979، احتل الطلاب الايرانيون سفارة واشنطن في طهران، ولم ينته احتلال السفارة والافراج عن الموظفين والمارينز إلا بعد انتخاب رونالد ريغان وخسارة جيمي كارتر. يومها وجدت ايران نفسها تلعب دور المرجح والمؤثر والفاعل في الانتخابات الأميركية رغما عنها. وتأكد الدليل العام 1980، عندما دفعت أميركا وبعض حلفائها العرب، في خطوة انتقامية استباقية اجهاضية، بصدام حسين إلى مهاجمة ايران وبدء حرب أنهكت بغداد واستنزفت طهران لثمانية أعوام. اليوم يغتنم ترامب حادثة اقتحام سفارته في بغداد، لاقحام طهران في سعيه لولاية ثانية، مطالبا إياها بثمن سياسي في المنطقة، بعدما حصل على أثمان فلكية مالية من بعض العرب لتمويل ضروبه وحروبه.

يرى ترامب في العرب خزنات ويخشى في ايران رجالات. يأخذ الخزنات ويقتل الرجالات. وكله بلغة شارلز لاكي لوتشيانو: لا شي شخصيا بل محض أعمال. هاتان الجملتان طغتا على المشهد الأميركي منذ مئة سنة في شيكاغو ونيويورك، واليوم تعودان بقوة مع مجموعة “وول ستريت” الجديدة.

ترامب يحاول اتباع سياسة العصا والجزرة مع إيران، لكنه يتصرف وفق قاعدة اضرب وفاوض. يغتال ويختال. يقايض ويزايد. يتجرأ ويتبرأ. يتذاكى ويتباكى.

أرادها ضربة لتأكيد بقائه في البيت الأبيض، لكن إيران ستعمل- وفي المرحلة المقبلة وتباعا وبشكل حثيث ومصمم- على إخراجه من العراق. اغتيال سليماني والمهندس وحد شيعة العراق الذين تناسوا خلافاتهم واختلافاتهم، وجمعتهم ضربة غير محسوبة العواقب لجيران ايران وأصدقاء العم سام في الخليج والمنطقة. الترجمة العملية لتجاوز خلافاتهم، ستكون في تشكيل حكومة عراقية جديدة، وسحب فتيل التفجير من الشارع، وكبح الانتفاضة وإعادة انتاج السلطة.

منذ شهر قال بومبيو إن شعب العراق يروم التخلص من نفوذ ايران. بعد اغتيال سليماني وتوحد الشيعة، غير بومبيو المقولة لتصبح: ان شعب العراق يريد التخلص من الفساد.

إغتيال رئيس أركان حرب محور المقاومة، من أفغانستان إلى الجولان، اعتبرته إيران اعلان حرب مباشرة ومواجهة مفتوحة. في حين يصر ترامب على اعتباره رسالة سلام ممهورة بدم شخص يستحسن أن يكون موته- برأي ترامب- فداء عن شعب وأن يكون كبش فداء، أي على طريقة قيافا رئيس كهنة المعبد وفتواه الشهيرة منذ 2000 عام، والتي يبدو أن المقلدين لها والمتمسكين بها كثر.

وفي لبنان، ترقب لكلام السيد حسن نصرالله، وتحسب لردود الفعل عليه اسرائيليا وإقليميا. الواضح أن البيان المقتضب، لكن الواضح والمعبر البارحة للسيد نصرالله، يشي بأبعاد، تأثيرات وتداعيات ما حصل على الساحة اللبنانية، واعتبار أن الرد على اغتيال سليماني هو مسؤولية المقاومين في كل المنطقة، أي أن الساحة اللبنانية ليست ساحة الرد، وأن الرد الحقيقي يكون بتحصين الوضع الداخلي، وحماية الاستقرار بحكومة جديدة تنتظر مرور عاصفة اغتيال سليماني في الأيام القليلة المقبلة، والتحضر لمواجهة الاعصار الاقتصادي-المالي قبل أن يقتلع ما تبقى من حلم للبنانيين ببقائهم على قيد الأمل.