وفي اليوم التسعين على نشوب حراك غير مسبوق تحركت عجلات حكومة العهد الثالثة من تلة الخياط الى عين التينة قبل ان يستقر بها المطاف في بعبدا في مهلة لا يفترض ان تتجاوز الساعات ال 48 المقبلة ليقدم حسان دياب توليفته المنتظرة من حكومة اختصاص لامتصاص النقمة ومواجهة الازمة.
معبر عين التينة وان كان الدستور لا يلزم الرئيس المكلف به الا من باب التشاور والاستئناس الا ان الواقع السياسي وموزاييك الامر الواقع حتمتا على حسان دياب ان يطرق الباب ليسمع جواب الموقع الثاني والتوقيع الثالث والخروج بتفاهم الضرورة كي لا تنتهي الولادة القيصرية بموت الحكومة ودخول الام اي الدولة في غيبوبة الاحتضار.
كان الرئيس بري يتحدث ويطالب من دون حرج بحكومة تكنوسياسية لا تستثني احدا تعيد لم الشمل بعدما انفخت الدف وتفرق العشاق وانتهوا الى الافتراق وقاب قوسين او ادنى من الطلاق. صدم باستقالة الحريري ولم يستسغ مقاربة دياب في التأليف.
دلل الحريري الذي عرف قدره فتدلل اكثر واختار الخروج والبدء باجتياز الصحراء لكنه – اي الرئيس بري – اراد لهذه الحكومة ان تتخطى سن الرشد اي ال18 وزيرا لتبلغ ال24 فيدخلها جنبلاط الركن القوي في الزعامة الدرزية واعطاء هامش تحرك وحضور اوسع للبيئة المحيطة والملتزمة بالرئيس الحريري لكن الاخير لم يساعده.
الماراتون الحكومي في اللفة ما قبل الاخيرة ومرسوم التأليف يتوجه الى مضيق جبل بعبدا ليس للعلم والخبر بل للدستور والاحتماء من الخطر السباق الحكومي في امتاره الاخيرة. لم يعد المتبارون قادرين على الجري لدولار سبقهم صعودا والليرة تأخرت عنهم نزولا
القطاع الخاص يناضل للبقاء والقطاع العام مهدد بالشلل. الايرادات شحت والموارد نضبت والناس تتألم والشارع يغلي والدولار تحول من عملة صعبة الى عملة نادرة والليرة تلبس قبعة الاخفاء وجنى عمر اللبنانيين في المصارف قد يتبخر والطارئون وامراء الفساد يتبخترون كالطاووس في الشكل والصوص في الوزن.
باختصار انتهى الوقت. الانتظار يعني المزيد من الانهيار. الشكل لم يعد مهما المضمون هو المهم.الاسماء لن تبهر اللبنانيين مهما حملت من شهادات وخبرات وانجازات. اجندة وقف النزيف المخيف هي المطلوبة. الاولوية للمشروع والخطة والاجراءات الفورية الانقاذية وليس الاستعراضات الاعلامية والعاطفية والانفعالية والكيدية والعنترية لتنتهي في نهاية المطاف كما انتهت الحكومات السابقة بالفشل والخذلان وتقاذف المسؤوليات وتبادل الاتهامات. ليكن شعار هذه الحكومة ما قاله يوحنا السابق منذ الفي عام : الان وقد وضعت الفأس على اصل الشجرة فكل شجرة لا تؤتي ثمرا فلتقطع ولترم في النار. حتى اليوم بقي لبنان كعليقة ابراهيم في جبل حوريب في طور سيناء: تشتعل ولا تحترق.على المخلصين الا يتركوها تحترق.