IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الاثنين في 03/02/2020

للمرة الاولى منذ سنوات طويلة لا تحتل السياسة والاقليم الحيز الذي استحوذه الاقتصاد والهم المعيشي والمأزق المالي في البيان الوزاري العتيد لحكومة حسان دياب. الشق السياسي لم يكن ذي شأن كما كان يحصل منذ 15 عاما حين امعن البعض في تكرار مقولة الازدهار وظل يتلطى بديونها وشعاراتها وفوائدها وعائداتها المجزية له ولحفنته ولفيفه في وقت قبع السواد الاعظم من اللبنانيين على مقاعد الانتظار شاخصين نحو الانهيار الاتي بخطر عظيم وشر عميم. في السياسة استنتسخ البيان الوازي السابق مع تنميق لغوي لمراعاة الغرب ومراضاة الشرق لكن القالب الغالب انصب على الاقتصاد. لم يتحدث البيان المطول عن اخطاء سلسلة الرتب والرواتب وخطايا الصفقات ولم يتطرق الى جيوش المنتفعين والمحازبين والمناصرين في الادارات والمؤسسات ولم يذكر الحكومات السابقة بقطع الحساب ولم يخبرنا كيف تغافل عن الموازنة العامة والرؤية والاستراتيجية والاهداف والمقاصد والغايات .

البيان المطعم بلغة جميلة والمدعم باطلالة اصلاحية تقع بين الواقعية والمثالية لم يجب عن اسئلة ولم يعط اجوبة تتصل بكيفية نقل الاصلاحات من حيز النظري والانشائي الى حيز التطبيقي والعملي : من تخفيض العجز الى الفوائد الى العدالة الضريبية الى المساواة الاجتماعية الى مكافحة الغلاء ومحاسبة الجشعين والمحتكرين والفاسدين الى اجراءات عملية في كيفية خفض عجز الكهرباء وزيادة واردات الاتصالات وخفض حجم القطاع العام ورفع منسوب الانتاجية فيه. ينتظر اللبنانيون تصورا واضحا عمليا دقيقا ومنصفا وعادلا للtva هل ستكون اعلى وهل يستوي فيها الذين يستحقون والذين لا يستحقون ؟ وهل سيكون مصير قروض واموال سيدر – التي هي كالسمك في البحر حتى الساعة – مثل مليارات ثلاثية باريس التي فقد اثرها كالطير في السماء وغابت عن الابصار كالساقية الصغيرة في الصحراء الكبيرة ؟ وهنا لم تقل مسودة البيان الوزاري شيئا عن اعادة النظر بلائحة المشاريع الاستثمارية الواردة في سيدر والتي لا نتائج لها فورية ومباشرة على النمو باستثناء نمو احلام البعض في زيادة حصتهم من قالب حلوى الصفقات وانتفاخ جيوبهم وحساباتهم في وقت يفرغ البلد من الثروة ويتهيأ للثورة التي لن تكتفي هذه المرة بان تكون حراكا لتحسين شروط العيش، بل يخشى ان تتحول عراكا على لقمة العيش او ما تبقى منها.

انتظر اللبنانيون كذلك ان يشفي البيان الوزاري غليل اللبنانيين الى فتح الملفات في القضاء وفتح ابواب السجون امام الوافدين الجدد من فاسدين قدامى وجدد، والى طمأنة الناس الى قوت اطفالهم وعرق جبينهم وجنى عمرهم في ما اودعوه في المصارف. في المسودة محاولة حثيثة لكسب ود بيئة غير متفاعلة حتى الساعة واستجلاب تأييد المجتمع العربي والخليجي تحديدا وطبعا المجتمع الدولي وكلام جميل عن كسب ثقة الداخل اللبناني والشارع المنتفض الذي هو في صلب خطة الحكومة والبيان الوزاري كما يشدد ويؤكد هذا البيان .

حكومات كثيرة منحها اللبناني ثقته ومحضها تأييده لكنها لم تكن تستحق طول اناة والم معاناة اللبناني الصابر المكابد. اليوم حكومة جديدة وبيان متجدد عسى ان لا يكتفي بالكلام والا ينتهي به المطاف كما انتهى المتنبي عندما انشد: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق ان لم تسعد الحال ..