الآن وأكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة إلى التكاتف. من نحن؟. نحن اللبنانيون المؤمنون بقيام الدولة مهما قست الأيام. نحن الذين رفعنا النضال السلمي سنين طويلة دفاعا عن هذا الوطن العظيم. نحن من رفضنا الاستسلام لمنطق إذلالنا بلقمة عيشنا. نحن من حذرنا منذ بزوغ السياسات الاقتصادية في تسعينيات القرن الماضي، حذرنا من خطورتها وكارثية المشروع المنضوي بين سطورها، والمترجم في ممارستها. نحن من نرفض اليوم، ويشكل قاطع، اتهامنا بالفساد وتحميلنا مسؤولية كوارث ثلاثين عاما من المحاصصة وتقاسم المغانم.
ما أرهبها مقاربة المفتعل المسؤول لشؤوننا الداخلية، وما أحقره تنصلهم مما اقترفت أيديهم، وما أفظعه تكتلهم بجبهة سياسية واحدة بوجه رئيس البلاد، متخفين حينا بثوب معارضة وديعة للحكومة، وحينا بعباءة الأوضاع المعيشية المتردية أصلا بفعل ما افتعلته أيديهم الملطخة بالارتهان إلى الخارج، حتى تحولوا إلى أدوات صغيرة باعترافهم.
الجبهة تلك التي ارتسمت معالمها مع تولي وليد جنبلاط إشعال الفتيل، وسعيه إلى استدراج سمير جعجع، ليست سوى تجمع المتضررين من السياسات الاصلاحية والخائفين من محاسبة آتية، حتما آتية، فالانهيار لن يمر من دون عقاب لمح إليه حسان دياب في إشارته لاسترداد الأموال المنهوبة. وقد سبقه في أكثر من مناسبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وبالتزامن مع تطور المواقف المحلية، وارتفاع منسوب التوتر السياسي، تراقب مصادر مطلعة عن كثب، المسار المالي والخطة الاقتصادية التي ستخرج بها الحكومة، والتي بقيت عبارة عن عناوين عريضة، مشددة على أن أملاك الدولة هي للشعب اللبناني، واستثمار هذه الأصول واجب لإعادة تكوين ثروة الدولة وليس فقط لتسديد ديون المصارف، علما أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن الخطة الاقتصادية والمالية المرتقبة، لن تلحظ أي بيع لهذه الأصول، وكل ما في الأمر أن اقتراحات قدمت بهذا الخصوص، ولم تلق ردا ايجابيا.
وفي السياق، يسأل مراقبون لماذا لا يعود المعنيون إلى ورقة بعبدا الاقتصادية، التي شكلت منطلقا للحل، خصوصا أن كل المعنيين شاركوا في صياغتها، وأبدوا ارتياحهم لمندرجاتها.
وكما في السياسة والاقتصاد، كذلك في الصحة، تبرز نواة جبهة بوجه اجراءات التعبئة المستمرة، تحت عناوين أبرزها انخفاض الأرقام واستقرارها عند معدلات متدنية، حتى أن البعض ذهب باتجاه ربط تمديد التعبئة بإعادة اطلاق الحراك، وكأن هدف التعبئة كان الثورة وليس صحة الناس الذين، وبعدد لا بأس منهم وفي مناطق لبنانية باتت معروفة، دأبوا على تجاوز الاجراءات من دون حسيب أو رقيب، علما أننا لا نزال وحتى اليوم في دائرة الخطر ولم نتجاوز القطوع الأسود نهائيا. وأكبر دليل إعلان مستشفى بيروت الحكومي تسجيل 5 إصابات جديدة من عائلة واحدة، فيا أيها اللبنانيين، ورأفة بصحتكم، التزموا الاجراءات وتفادوا الاحتكاك حتى إشعار آخر متوقع ما بعد 10 أيار.