IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الاثنين في 20/04/2020

المفارقة في المشهد الداخلي، أنه مع اقتراب العد العكسي لتخفيف التعبئة العامة في مواجهة كورونا، فإن هناك من يحضر لعد تصاعدي لتحريض عام لمواجهة حكومة حسان دياب.

رئيس الحكومة يعرف ولا يستغرب أن تكون المعارضة ضده من أفرقاء متضررين من خارج هذه الحكومة. لكن تحسسه وريبته يكبران عندما تستجد معارضة له من داخل الحكومة. معارضة لا كامنة ولا صامتة، لكنها قادرة على شل حكومته وقرارتها، كما حصل في ملفات عدة أبرزها التعيينات.

أتاحت كورونا هامشا إيجابيا ومساحة للتحدي الإيجابي لحكومة حسان دياب ونجحت. لكن خصومها الذين نجحوا حتى الساعة في الحفاظ على مواقعهم ومكتسباتهم داخل المنظومة والتركيبة المالية والسياسية والاقتصادية والادارية، لن يتركوا لهذه الحكومة- إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا- مجالا أوسع وهامشا أكبر في المرحلة المقبلة.

أزعج حسان دياب كثيرين عندما تحدث عن ال2 بالمئة فقط، ممن يفترض أن تطالهم تدابير معينة نقدية في المرحلة المقبلة. بدأت حملات التجييش والقصف المركز. كشف الجيش اللبناني عن أكبر عملية نصب واحتيال وتزوير وتلاعب، في لوائح شرائح مجمتعية يفترض أن تتلقى مساعدات حكومية، فقامت قيامة الحماة والرعاة. لم يجرأوا على سؤال الجيش فهجموا على حسان دياب.

تحدث دياب عن صندوق لاسترداد الأموال المسروقة، وإعادتها إلى اللبنانيين الذين لحقهم الظلم والتعدي، فجن جنون البعض وانطلقت صيحات الحرب والثأر. رضي الفقير وليس يرضى الحقير. ذهب دياب لزيارة واحد من أشرف رؤساء الحكومة في لبنان وأحد أعمدة النزاهة والضمير، سليم الحص، في منزله المتواضع في عائشة بكار، فبدأت الولولة والنواح ونكء الجراح. تحدث الرجل عن ممارسات خاطئة وسياسات مالية ونقدية مشوهة لعقود أدت إلى إفلاس البلاد وهلاك العباد، فاشتعلت مواقع الكذب وتحركت مواجع الندب.

قد لا يكون حسان دياب شاخت أو اديناور أو ديغول أو مانديلا، لكن من هم خصومه ومعيروه ومنتقدوه؟، هل هم بلا خطيئة كي يرجموه؟، كانوا أمناء على الكثير فتركوا له القليل القليل إن لم نقل المستحيل. من هم خصومه؟، واحد خسر مؤسسة كانت في في ما مضى امبراطورية. آخر مع الجميع وضد الجميع يعيش عقدة أوهام الماضي وهاجس أحجام الحاضر وأضغاث أحلام المستقبل. آخر يحاول حتى الساعة قلب معادلة: “اللي بدو مش قادر واللي قادر ما بدو”. آخر يتقمص سان تزو وبسمارك وغاريبالدي وبوليفار، لكنه في قرارة نفسه يدرك انه انتهى المشوار.

هذا لا يعني أن الفريق الداعم أو المدافع نظريا عن حسان دياب، معفي من المسؤولية. وهو عن قصد أو عن غير قصد، يتحمل تبعات ومشاركة في حقبات وحكومات، بالتغاضي أو بالتراضي أو بإطلاق صرخة في واد أو بالمراعاة والمداراة بحجة الحفاظ على مقتضيات التوافق وضرورات الوفاق الذي ثبت، وفي أكثر من موقعة ومرحلة، أنه نفاق وأن العناق السخيف يكاد يتحول إلى شقاق عنيف.

إذا كان المسؤول عن السياسة النقدية ل27 سنة محقا، فلماذا وصلنا إلى هنا. وإذا كان مخطئا ل27 سنة، فلماذا لم يحاسب ويساءل، ومن رعاه وبسط عليه ظل حمايته.

المسؤولية على الجميع، والألم والوجع والدمع على اللبنانيين الذين يواجهون أسوأ كوابيسهم، بسبب مجموعة من اللصوص تحاول الآن تخريب مسرح الجريمة، وإزالة بصماتها ومحو كل الأدلة التي تثبت تورطها وتدينها وتؤدي بها إلى المحاسبة والعقاب والسجن، بدلا من أن تذهب باللبنانيين إلى قعر المأساة.

كورونا قد تنحسر، لكن الفاقة والبطالة والمعاناة ستنفجر. الدولة العميقة والكيان الموازي وال “لا كوزا نوسترا” الفساد تخوض معركة فاصلة وقد تكون أخيرة لها، وأيضا قد تكون الأهم للشرفاء والأنقياء والشجعان الذي يحاربون مملكة الشر وامبراطورية الدجالين.

كتب هوراشيوس، الشاعر الروماني، شاهدا ومعاصرا وجنديا في معركة في جيش بروتوس الذي انتفض رفضا لاغتيال يوليوس قيصر على يد ابنه بالتبني بروتوس غدرا، كتب: القتال ولا الاستسلام، الموت ولا الخوف. هذه الكلمات ما زالت تصح.