إما إعطاء الحكومة فرصة إنجاز خطتها الإنقاذية خلال اليومين المقبلين تمهيدا لإطلاق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو المجهول.
إنها المعادلة الوحيدة الممكنة اليوم، وصرخة المواطنين المفهومة والطبيعية والمتوقعة، لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يسمح للقوى السياسية وغير السياسية التي أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم، أن تستغلها تحقيقا لمآرب لم تخدم يوما اللبنانيين، ولن تخدمهم اليوم، تماما كما لم يخدم يوما طرابلس ولن تخدمها اليوم.
فطرابلس عاصمة لبنان الثانية، وعاصمة الشمال، وعاصمة كل مواطن لبناني يدفع اليوم ثمن سياسيين لا يقيمون وزنا للناس، بل يتركونهم لمصيرهم، يبحثون عن قوتهم اليومي، بعدما اقتاتوا هم من المال العام ما يكفي لبناء القصور، وبناء امبراطوريات النهب والفساد في لبنان وعواصم كثيرة.
لا تسمحوا لأحد أن يستغلكم. هو نداء كل اللبنانيين إلى كل ابناء طرابلس، التي عادت لتدفع اثمان صراعات سياسية باتت مكشوفة، تذكر بشكل من الاشكال بجولات القتال قبل سنوات، التي اندلعت فجأة وانتهت فجأة، من دون ان يكسب ابناء طرابلس شيئا، لا بل خسروا احباء وممتلكات، وصارت وازداد ابناءها فقرا على فقر.
في كل الأحوال، نحن اليوم أمام واقع جديد، قال رئيس الحكومة اليوم، واقع أن الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية، وجزء منها بفعل فاعل، خصوصا مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء إلى مستويات قياسية.
رئيس الحكومة الذي التقى اليوم السفيرة الاميركية وتلقى اتصالا لافتا من وزير الخارجية الفرنسية أعرب له فيه عن تأييد فرنسا لبرنامج الحكومة الإصلاحي، واستعدادها لمساعدة لبنان مع صندوق النقد الدولي، كاشفا نية بلاده عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقة بكورونا، أضاف: النقاش في أسباب ارتفاع سعر الدولار لا يحتاج إلى كثير من الخبراء، فهناك عوامل موضوعية، وهناك عوامل تجارية بخلفيات سياسية، وهناك قصور في المعالجة، عن قصد أو عن عجز، لكن النتيجة أن هذا الارتفاع تسبب بزيادة الضغوط على اللبنانيين.
وعشية الإطلالة المرتقبة لحاكم مصرف لبنان، قال دياب: في مطلق الأحوال، من الطبيعي أن يخرج الناس إلى الشارع، وأن يفجروا غضبهم مجددا، كما فعلوا في انتفاضة 17 تشرين الأول، خصوصا بعدما تبين لهم وجود محاولات سياسية لمنع الحكومة من فتح ملفات الفساد. وقال: نحن نتفهم صرخة الناس ضد السياسات التي أوصلت البلد إلى هذا الواقع الاجتماعي والمعيشي والمالي والاقتصادي، ونتفهم المطالب الشعبية بالإصرار على محاسبة الفاسدين الذين تسببوا بحالة الانهيار وتابع رئيس الحكومة: نحن مع كل تعبير ديموقراطي، خصوصا الذي يترجم وجع الناس، لكننا نرفض بشدة كل المحاولات الخبيثة لتشويه هذا التعبير بحرفه عن مساره عبر تحويله إلى حالة شغب تؤدي إلى الإساءة لهموم الناس ومطالبهم المحقة، وبالتالي الاستثمار السياسي في حالة الشغب لخدمة مطامع ومصالح وحسابات شخصية وسياسية. ولذلك، وكما قلت سابقا، تابع الرئيس دياب، ممنوع العبث بالاستقرار الأمني، ويجب أن تكون هناك محاسبة لهؤلاء العابثين، والدولة لن تقف مكتوفة الأيدي، فما حصل في بعض المناطق من اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وما تخلله من استهداف للجيش اللبناني والاعتداء على جنوده، يؤشر إلى وجود نوايا خبيثة خلف الكواليس لهز الاستقرار الأمني، وهذا لعب بالنار، وسيحرق أصابع أولئك الذين يريدون الاستثمار بدماء الناس لمصالحهم، وقد سقط شاب ضحية في طرابلس، نتقدم من ذويه بأحر التعازي.
واضاف رئيس الحكومة: أناشد اللبنانيين الذين خرجوا ضد الفساد والفاسدين الذين تسببوا بهذه الأزمة الخانقة، أن يقطعوا الطريق على أي محاولة لخطف ثورتهم على الفساد لاستثمارها في السياسة، وعلى كل حال، الحكومة ماضية في تلبية مطالب اللبنانيين بمكافحة الفساد، ولن يردعها شيء عن الاستمرار في مواجهة هذا التحدي، أما في السياسة، لا شيء يثنينا عن مواصلة مسارنا، ولا شيء في السياسة يعنينا، وفي رد غير مباشر على وصف النائب السابق وليد جنبلاط له أمس بأنه “لاشي”، قال: المتقلبون من أهل السياسة يكابرون في مواجهة اللاشيء في الفساد، واللاشيء في المصالح، واللاشيء في الحسابات، واللاشيء هنا شهادة أفضل بكثير من أشياء ملطخة لم تعد تستطيع المساحيق تنظيفها أو إخفاءها.