في كل شؤون الحياة، السياسية والدينية وغيرها، التكامل مطلوب بين الناحيتين النظرية والعملية، إلا في ملف الاصلاح في لبنان، حيث يكتفي البعض بالتنظير، ويضعون التطبيق جانبا، إما بسبب العجز، أو لأنهم أصلا لا يبتغون التطبيق، بل المزايدة وبيع السمك في البحر.
لعل هذه الفكرة بالتحديد هي ما أراد “التيار الوطني الحر” اليوم أن يدحضها، أقله بالنسبة إلى مساره السياسي على خط مكافحة الفساد.
ففي مشهدية معبرة نفذها أمام المتحف الوطني في بيروت، واضعا على كراسي بلاستيكية أرقاما عن أموال تم تحويلها إلى الخارج، مرفقة بتلميح عن الشخصية صاحبة التحويل، وتاركا كشف الحقائق واتخاذ التدابير للقضاء والجهات الرسمية، وجه “التيار” رسالة إلى من يعنيهم الأمر بأن القصة جدية، ولا ينبغي أن تقتصر على بيع الكلام.
وشرح “التيار” أنه كان الوحيد الذي بادر لتوجيه كتاب إلى حاكم مصرف لبنان لمعرفة المعلومات عن الأموال التي حولت إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول، ولما لم يلق الرد المناسب، نفذ وقفة شعبية احتجاجية وطالب بلجنة تحقيق برلمانية ثم قدم إخبارا للنيابة العامة التمييزية ليتحرك القضاء ويحقق. وتزامنا، حضر “التيار” اقتراح قانون لاستعادة الأموال.
الرسالة كانت واضحة اليوم، والمشهدية كانت أبلغ من أي كلام. عسى أن يصل الصوت، وأن يقف المجتمع وقفة رجل واحد، يضع الإصبع على الجرح، ويصوب في الاتجاه الصحيح، ويترك للقضاء أن يقوم بعمله، بناء على أحكام القانون لا الأحكام المسبقة وحملات الاغتيال السياسي، وحفلاته التي باتت مكشوفة ومغشوشة، تماما كملف النفط المغشوش الذي تغوص الotv بتفاصيله في “رح نبقى سوا” مباشرة بعد الأخبار.