IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الأحد في 03/05/2020

“فالج لا تعالج”. لعله التوصيف الأكثر واقعية للممارسة السياسية في لبنان، بناء على مراجعة بسيطة لمواقف معظم القوى السياسية، مع مقارنة سريعة بما كانت عليه قبل وقت غير بعيد.

والطريف من خلال مراجعة بسيطة للأرشيف، أو استعانة سريعة ب”غوغل”، أن الأمر لا يقتصر على عدد محدود من التيارات والأحزاب والكتل والشخصيات، بل يكاد يكون القاسم المشترك الثابت شبه الوحيد بين غالبية من يتعاطون الشأن العام.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فلننطلق من موقف كتلة “المستقبل” اليوم بالاعتذار عن المشاركة في اجتماع بعبدا الأربعاء، ولنقارن ما تم إيراده من أسباب، بما كان عليه الموقف من اجتماع شبيه في المكان عينه وبالموضوع عينه، قبل ثمانية أشهر بالتحديد.

فاليوم، اعتبرت كتلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أن المكان الطبيعي لإطلاع الكتل النيابية على البرنامج الاقتصادي والمالي للحكومة، هو المجلس النيابي لا القصر الجمهوري، علما أن الرئيس الحريري شارك شخصيا في أكثر من اجتماع اقتصادي ومالي، ولرؤساء الكتل، في بعبدا بالذات، وقد حظي المكان والموضوع يومها بكل إشادة ممكنة من كتلة “المستقبل”، حيث نوهت مثلا في بيان تلاه النائب عاصم عراجي إثر اجتماع في الثالث من أيلول 2019 برئاسة النائبة بهية الحريري، بالنتائج التي انتهى إليها اجتماع بعبدا في تلك المرحلة، ونوهت أيضا بحس المسؤولية الوطنية التي طبعت المداخلات. وبلغ التنويه حد التهليل للتوجهات التي وردت في كلمة وورقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسائر المشاركين، مع دعوة إلى ترجمة نتائج الاجتماع على طاولة مجلس الوزراء.

وأشارت الكتلة يومها، في خلاصة مضحكة- مبكية، إلى أن الوقت يداهمنا جميعا ولا يعفي أحدا من المسؤولية، معتبرة أن الواقع صعب ولكن الحلول موجودة، ومشددة على أن المطلوب أن نكون يدا واحدة وان نعمل كخلية عمل واحدة، وأن نتوقف عن الحسابات السياسية الضيقة والتلاعب على عواطف اللبنانيين، ودائما بحسب بيان “المستقبل” في الثالث من أيلول الماضي.

وبالعودة إلى 3 ايار 2020، إذ بالكتلة عينها تلفت اليوم إلى ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية، تتجاوز حدود الدستور لتكرس مفهوم النظام الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلماني.

أما الممارسات والفتاوى السياسية والقانونية التي تتجاوز الدستور وتكرس مفهوم النظام الرئاسي تلك، فيبدو أنها لم تكن مرئية أو ظاهرة للعيان في اجتماع بعبدا الصيف الفائت بمشاركة الرئيس الحريري، والذي حذرت كتلة “المستقبل” بعده مما وصفته بالسياسات والتجاذبات والشعبويات، معتبرة أن رمي التبعات والمسؤوليات في هذا الاتجاه أو ذاك، بات من الأساليب الممجوجة التي لا وظيفة لها سوى المراوحة في حوارات الطرشان.

حقا إنها حوارات طرشان. حوارات طرشان اليوم بين كتلة “المستقبل” 3 أيلول 2019 وكتلة “المستقبل” 3 أيار 2020، وأمس وغدا بين معظم التيارات والأحزاب والكتل والشخصيات.

إنه حقا “فالج لا تعالج”.

وبعد رد “المستقبل” على “المستقبل”، رد من مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، ذكر بأنها ليست المرة الأولى التي يدعو فيها رئيس الجمهورية رؤساء الكتل النيابية إلى لقاء وطني في القصر الجمهوري، للبحث في قضايا مهمة في الحياة الوطنية اللبنانية، انطلاقا من حرصه على التشاور في كل ما يتعلق بمستقبل البلاد، فكيف الحال ووطننا يمر اليوم في مرحلة دقيقة ومصيرية تتطلب تضامن القوى من أجل المساهمة في إنقاذه؟.

والمفارقة، أضاف بيان بعبدا، أن كتلة “المستقبل” التي تتحدث عن تجاوز لحدود الدستور، شاركت في اللقاءات الوطنية المماثلة التي كانت عقدت في قصر بعبدا. فهل كانت هذه اللقاءات غير دستورية أيضا؟.

وأضاف مكتب الاعلام في بعبدا، ان أهداف اللقاء المقبل واضحة ومحددة في الدعوة التي وجهت إلى رؤساء الكتل، وهي اطلاعهم على تفاصيل الخطة الاصلاحية والاستماع إلى ملاحظاتهم حيالها، وليس الهدف من الاجتماع التصويت على الخطة أو مصادرة دور مجلس النواب.

وشدد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، على أن الحديث عن نظام رئاسي على حساب النظام الديمقراطي البرلماني، كما جاء في بيان كتلة “المستقبل”، فيه الكثير من التضليل لأن رئيس الجمهورية الذي جعله الدستور رمزا لوحدة الوطن، يمارس صلاحياته في ظل النظام الديمقراطي البرلماني الذي أقسم اليمين على المحافظة عليه، ومن المستغرب حقا أن تدعو قيادات سياسية رئيس الجمهورية إلى تحمل مسؤولياته، وعندما يفعل، تنهال عليه الحملات، فأي منطق أعوج يساق في هذا القبيل؟، سأل بيان مكتب الإعلام في القصر الجمهوري.