كان يمكن للوضع في المنطقة والعالم ان يكون اكثر تفجرا لولا كورونا، الفضل لكورونا في صرف الانظار عن جبهات متفجرة وفواتير سياسية متأخرة وتهدئة مسارات كانت الى وقت قريب متوترة واعادة الاعتبار الى علاقات حكم عليها بأنها منفرة، كورونا فرملت اندفاعة الصين لسنوات طويلة رغم المكابرة في قول العكس ، كورونا صدمت اميركا وجعلتها تنكفىء وتقاتل على ارضها وفي عقر دارها عدوا تسبب لها بضحايا وقتلى اكثر مما كلفتها حرب فييتنام في عشرين عاما .
روسيا التي كان الصقيع والطقس الجليدي والجنرال الابيض اي الثلج حليفها لقرون في وجه الغزاة والاحتلالات خذلها وسمح لكورونا بان ينفد من خلالها الى اسوارالكرملين.
اوروبا التي خالت نفسها توحدت بعد حروب ودماء مع القريب والغريب من شارل مارتل الى شارل ديغول ومن اوكتافيوس الى غاريبالدي ومن فريدريك الكبير الى بسمارك ومن قسطنطين الى بوتين تعود اليوم الى الستار الحديدي والجدار الحدودي بين دولها وتستفيق بين شعوبها عفاريت القوميات وشياطين العصبيات .
الدول الخليجية وباقي منظومة اوبيك التي تعوم على بحار النفط وابار الغار وانهار الدولار تخشى ان تنهار اقتصادياتها وتتبخر ايراداتها كما تختفي الساقية في رمال الصحراء .
بعد كورونا سيكون العالم اكثر بخلا وفقرا وتقتيرا واقل استنزافا واسرافا في الموارد والعوائد ، الميل للتسويات سيرتفع والجنوح نحو الحرب سينخفض ، الحرب الجرثومية ستحل محل الحرب الباردة والترسانة النووية والاسلحة التقليدية ، ستكون حروب المختبرات وليس الجبهات، حروب الكمامات وليس الدبابات ، حرب السيطرة على الجرثومة المجهرية وليس على الكرة الارضية.
لبنان الذي صارع الكورونا لشهرين وكاد ان يصرعها انتكس وصح في بعض ناسه ما قيل في البقرة التي ملأت السطل من خيرها وضرعها لكنها عادت ورفسته واندلق اللبن هباء وسدى على الارض .
لكن واثناء متابعة عروض كورونا بنجاح في الجزء الاول وتراجع في الجزء الثاني، وقت مستقطع للتفسيح والترويح مع توم اند جيري بنسخة جديدة سيئة وركيكة واستحضار لدون كيشوت وسانسو بانزا واستذكار لرواية نيكوس كازانتزاكيس الاخوة الاعداء التي صارت فيلما مصريا العام 1974 مثله حسين فهمي ونور الشريف .
في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة نشهد عروض عضلات وهمية واستعراضات قوة كرتونية، ومواقف هزلية للابن الشاطر في عودة مسرحية شكسبيرية والابن الناطر في ادوار تفجعية بكائية بمفاعيل رجعية.
موفدون وزوار لتهدئة الخواطر وقراءة رسائل في بيروت من دون تصريحات في وقت تزور سفيرة واشنطن حسان دياب رئيس الحكومة وفي مكان اخر مؤتمر لحاضر غائب وطامح خائب يفيض بالسلبية ويعبق بالشتيمة والشماتة التي ما عرفها يوما هذا البيت العريق .
هذه المرة الامور ماشية ولو ببطء لكن بثبات خطى وصفاء رؤية ووضوح مقاصد . الامور ماشية , بامكان الحاشية ان تتفرج على استعادة البلد من ايدي الشبيحة الذين جعلوا من لبنان قجة وصندوق فرجة للخبل والهبل والفشل والدجل.