في جردة سريعة لما آلت إليه الأمور على صعيد الملفات التي تعني اللبنانيين بشكل مباشر اليوم، يتبين الآتي:
في ملف كورونا، تحرك حكومي سريع، لاستيعاب الضرر الذي ألحقه باللبنانيين، بعض المستهترين الذين بات وصفهم بال “بلا مخ” دارجا، حيث دخل لبنان اعتبارا من السابعة من هذا المساء أربعة أيام قابلة للتجديد من الإقفال التام.
في وقت رصدت اليوم فاجعة أخلاقية جديدة من عدم الالتزام بالحجر الصحي، على رغم كل ما جرى، حيث ضبطت فصيلة عيون السيمان أحد اللبنانيين الوافدين من الخارج يمارس رياضة المشي ويختلط بالناس وكأن شيئا لم يكن، وتم تنظيم محضر بالواقعة لتتم على أساسها ملاحقته القضائية.
في ملف الأزمة الاقتصادية والمالية، تطوران: الأول: إعلان وزارة المال رسميا انطلاق المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي عن طريق ال video conference، وسط اشارة واضحة من السيد حسن نصرالله بالتسهيل، في الكلمة التي القاها اليوم.
والتطور الثاني ترحيب مجموعة الدعم الدولية للبنان بخطة التعافي التي أقرتها الحكومة، واطلاعها على تقييم البنك الدولي لها، مع الدعوة إلى تهيئة الظروف اللازمة لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في الوقت المناسب.
واستذكرت المجموعة بشكل لافت، بيانها الصادر في 11 كانون الأول الفائت حول تنفيذ التزامات سيدر، مشددة على وجوب وقوف المجتمع الدولي إلى جانب لبنان.
في ملف مكافحة الفساد، وبغض النظر عن الحمايات السياسية المفضوحة، والصمت السياسي الفاقع إزاءها، تماما كلامبالاة غالبية وجوه الحراك الشعبي، يبقى أن قضية الفيول المغشوش تسلك مسارها القضائي، وتفضح أمام الرأي العام المعرقلين، القافزين فوق سلطة الدولة، والمتجاوزين كل أصول، في سبيل مصالحهم السياسية، لا بل الشخصية، التي أدى التغاضي عنها على مدى عقود، إلى دفع لبنان باتجاه الهاوية التي يسعى الى الخروج منها اليوم.
في ملف المعابر غير الشرعية، الذي شكل خلال الأيام الماضية عنوانا متجددا للاستثمار السياسي، قرر المجلس الاعلى للدفاع استحداث مراكز مراقبة عسكرية وامنية وجمركية لمحاربة التهريب، مع الاشارة الى الموقف الصريح للأمين العام لحزب الله الذي ربط بين النجاح في مسألة المعابر من جهة، وضرورة التنسيق مع الجانب السوري من جهة أخرى.
في ملف النفايات، فعلت أزمة الدولار فعلها في إثارة غضب عمال شركة رامكو، ما أدى إلى تأخير بدء العمل على ازالة ما تراكم من مقذورات في الشوارع، وذلك على رغم حل الأزمة المالية، وبعد التفاهم على مسألة المطمر، وهو ما سنتوقف عنده في تقرير خاص في سياق النشرة. …
قبل أيام، وردا على سؤال صحافي حول سبب مقاطعة البعض للقاء الوطني المالي في بعبدا، اعتبر رئيس الجمهورية أن الموقف يعكس انزعاج البعض من كون الأمور “ماشية” وتتقدم الى الامام.
كثيرون سألوا يومها، كيف تكون الأمور “ماشية” وتتقدم إلى الأمام، طالما الوضع الاقتصادي على ما هو عليه، والشأن المالي على حاله، مستشهدين بالغلاء الفاحش في الأسعار، ومأساة سعر صرف الدولار، وسائر متفرعات الموضوع، وصولا إلى المراوحة في مكافحة الفساد على أشكالها، ومسألة التهريب عبر الحدود، وصولا إلى ملف النفايات، خصوصا أن موقف رئيس الجمهورية ناقض بالكامل، الجو الأسود الذي يواصل كثيرون إشاعته، على المستويين الشعبي والسياسي، وبينهم روؤساء أحزاب أطلقوا مواقف في هذا الإطار من بعبدا بالذات.
طبعا، لم يقصد رئيس البلاد أن لبنان عاد سويسرا الشرق، ولا أن الاقتصاد ازدهر أو سعر صرف الليرة عاد إلى الألف وخمسمئة.
فالرئيس ميشال عون لا يكذب على شعبه، ولا يمارس الغش، بل يقول الحقيقة على صعوبتها، لأن قول الحقيقة ومواجهة الوقائع على مرارتها، يبقى المدخل الوحيد لبدء العلاج، فالأمور “ماشية”، وإذا لم تعد “ماشية” لسبب أو آخر، فالهلاك حتمي!