هل من امل يرجى ؟ في الازمات والملمات , في النوائب والمصائب , في الشجن والمحن , يتناسى الشعب خلافاته وتترك الاحزاب انقساماتها وتجتمع المعارضة والموالاة من اجل الارض والوطن والعلم والشهداء والماضي المجيد والتاريخ التليد , تتوحد الطقوس وتتنقى النفوس لاجل ارض الاجداد ..
هكذا حصل في المانيا عندما اندفع الجرمان في الحرب العالمية الاولى دفاعا عن وطن الاباء وهكذا فعل الانكليز في الحرب العالمية الثانية عندما توجه اصحاب قوارب الصيد الفقراء ومالكو اليخوت الاغنياء باتجاه دنكرك للمساعدة في اكبر عملية اجلاء في التاريخ .
وهكذا فعل الاميركيون عندما تطوعوا بعشرات الالاف عندما اعتدى اليابانيون على بيرل هاربور وهكذا فعل الجزائريون الاشاوس الذين تصدوا بصدورهم العارية وجباههم العالية وسواعدهم المؤمنة للفرنسيين واشتروا استقلالهم وحريتهم بثمن غال جدا : مليون شهيد ..نحن ماذا فعلنا بوطننا ؟ نحن ضحايا كذب كتب التاريخ التي خونت ابطالا وبجلت انذالا . حولوا كرنفال الى استقلال ومؤامرات سموها عاميات واحتلالات فتحوا لها جادات واوتوسترادات .
من القيسية واليمنية الى الغرضية الجبلية الى البشيرين الى الدستورية والكتلوية وصولا الى 8 و14 .. كيديات وانقسامات وانتقامات وسرقات وثروات تراكم واجيال على الهجرة تتزاحم وفقر يتفاقم وجوع يتعاظم ..
حتى الساعة لم نسمع بملياردير من الطارئين والوافدين الجدد وحديثي النعمة تبرع لمساعدة الناس المغلوبين .. هؤلاء المنافقون الذين كانوا يتصدرون المآدب والمنادب , يعربشون على المناصب ويطهمزون على الرواتب . تفوقوا على هوديني في العاب الخفة والاعيب الاخفاء : اختفوا بسحر ساحر
اخذوا البلد لحما ورموه عظما . يحبون انفسهم ويمثلون على شعبهم ويفركون ايديهم تزلفا وتملقا وخسة امام ضابط اجنبي او مفوض سامي غربي او عربي لا فرق ..
هل من امل يرجى ؟ عندما تسمع احدهم من وزن الذباب وينطق بالسباب ؟ يتبختر كالترافستي ويتغندر كالداندي , احترافه السفالة وعلو كعبه في العمالة دفعت حتى بمشغليه المحليين والاقليميين الى طرده ورذله . ربيب الخمارات وحبيب السفارات . اذا كان هناك من يتذكر حكايات كركوز وعواظ فهو طبعا وقطعا عواظ ..
هل من امل يرجى ؟ واقلام الاجرة ونزلاء طاولة السفرة وهدايا السفرة والنفوس الصغرى يروجون لسقوط الوطن ويزرعون القلق واليأس ويعممون القرف والاحباط , ساعة بالدولار وساعة بالاسعار وساعة بالانهيار وساعة بالنفط .
من يقول ان ما نسمعه عن التنقيب اليوم هو الصحيح والنهائي وليس خاضعا للسياسة خصوصا ان الشركات العالمية معدودة على الاصابع ولا احد يحاسبها ولا احد يستطيع ان يتثبت مما تقوله ؟ هي اكبر من دولها والمال هو حاكمها الاعلى كما في رواية البارغوياني اوغستو روا سانتوس ” انا الاعلى ” واكثر من ذلك , لماذا هناك نفط في المياه التركية واليونانية والقبرصية والفلسطينية والمصرية وقريبا السورية ولا يوجد في لبنان ؟ ولماذا تصر واشنطن وتل ابيب على ترسيم الحدود البحرية ومحاولة ارغامنا على التنازل في البلوك رقم 9 طالما لم يبدأ التنقيب والحفر فيه ؟ وطالما لا يوجد غاز عندنا كما ينعق بعض الغربان..
هل من امل يرجى ؟
خونوا وشهروا بأميل اده الرجل الكبير الوطني . رحل وبقيت ذكراه وهم رحلوا ولم تبق لهم ذكرى
خونوا وشهروا بفؤاد شهاب الادمي المترفع الرؤيوي الذي لن ينسى اللبنانيون مشهد جثمانه المسجى على سرير حديد . هم ماتوا على اسرة من ذهب ونسيهم اللبنانيون.
خونوا وشهروا بكميل شمعون رمز المقاومة والقيامة من القنطاري 1958 الى الاشرفية 1978 . هم نحروا لبنان وهو عاش ومات وظل يقول حتى الرمق الاخير : نحن للبنان حتى الممات ..
خونوا وشهروا بالياس سركيس اشرف وانظف الرؤساء . الذهب الذي نحتمي به الان من غدرات الزمان من صنع يديه واحتياطي العملات الاجنبية والصعبة من بنات افكاره . اين الاقزام اليوم من هذا العملاق ؟
واليوم التاريخ يعيد نفسه . على مشارف مئوية لبنان الكبير الذي سيبقى كبيرا رغم انف الصغار سنبقى نردد مع شجعان وانقياء واوفياء هذا الوطن : .. ومثلنا لا يبايع مثلكم.