وكأن ما في البلاد لا يكفيها، حتى يأتيها استعجال غير مفهوم على اقرار قانون للعفو العام، أحيل اليوم بالذات، في الذكرى الثالثة عشرة لانطلاق معركة نهر البارد، على الهيئة العامة، تحت وابل من السجالات الحادة، على خلفية المزايدات المعتادة من أكثر من طرف، فيما الحقيقة انضمت منذ زمن بعيد إلى قافلة الشهداء.
حقيقة، تغيب أيضا حتى اللحظة على المستوى المالي.
والفضيحة في هذا الإطار، تكاد تفوق فضيحة الاستعجال على العفو “كيف ما كان”، إذا يبدو أن “الكيف ما كان” نهج بات نمطا، يصعب على بعض المسؤولين الخروج عليه.
فصدق أو لا تصدق، في بلد يرزح تحت ثقل أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، انعكاساتها المعيشية الحادة لم تعد تحت السيطرة، وفي وقت تجرى مفاوضات مع صندوق النقد الدولي… الأرقام المتعلقة بتقدير الخسائر غير موحدة، بين الحكومة والجهات المالية الأخرى، وهو ما اختصره رئيس لجنة المال اليوم بالخلاصة التالية: “ما فينا نكفي هيك”… اذ لا يمكن الاستمرار بتقدير الخسائر من قبل الحكومة ب241 الف مليار، ومن قبل الجهات المالية الأخرى ب100 الف مليار… وبناء عليه، اوصت لجنة المال الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف بتوحيد الأرقام. “فالخيارات المتباعدة في مرحلة معينة ممكنة، ولكن كيف يمكن التفاوض مع صندوق النقد بوجهات نظر مختلفة؟ لذلك، إن توحيد الأرقام ضروري والا سنكون أمام مشكلة”، قال النائب ابراهيم كنعان.
وفي موازاة النشاط المستعاد في مجلس النواب اليوم، زيارة لعين التينة قام بها حاكم مصرف لبنان. ومن عين التينة، مفاجأة من العيار الثقيل، أعلن عنها اللواء عباس براهيم العائد من سوريا، حيث قال: “بالتأكيد سيكون هناك حل لموضوع المعابر غير الشرعية”، وأضاف: “قريبا هناك بوادر في هذا الإطار”.
وفي غضون ذلك، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يبلغ الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان ان الازمة الاقتصادية لها اسباب عدة، لكن ابرزها كثافة النزوح السوري وما قدمه لبنان لهذه الرعاية، والذي قدره صندوق النقد الدولي حتى العام 2018 ب 25 مليار دولار اميركي، تضاف اليها خسائر لبنان من جراء اقفال الحدود اللبنانية- السورية وتوقف حركة التصدير، مبلغ 18 مليار دولار، اي ما مجموعه 43 مليار دولار، فضلا عن الخسائر غير المباشرة الاخرى.
واعتبر الرئيس عون ان “المساعدة الدولية يجب ان تكون بمستوى الضرر، لانه من غير الجائز ان يستمر لبنان في تحمل نتائج هذه الحرب على النحو الذي ارهق كل قطاعاته”.
وأمل الرئيس عون في وضع خطة التعافي المالي التي أقرتها الحكومة موضع التنفيذ تدريجيا لأن من غير المنطقي تنفيذها دفعة واحدة، لكن المهم في هذا السياق ان الاصلاحات الجذرية بدأت، بهدف الوصول الى حلول للمشاكل التي نعاني منها، قال رئيس الجمهورية.