IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الأحد في 07/06/2020

غداة السبت الحزين، تهدئة على الأرض، ودعوات معتادة إلى وأد الفتنة، أكثرها صادر عن المؤججين والمحرضين والمستفزين أنفسهم، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية.

وفي مستهل مرحلة فاصلة جديدة بين جولة الأمس التي انقضت بأقل الأضرار، وجولة أخرى من الواضح أن ثمة من يحضر لها منذ الآن، يمكن التوقف عند الملاحظات الآتية:

أولا: أخفت الأبعاد الطائفية والمذهبية التي أفرزها تحرك 6 حزيران، المطالب المعيشية المحقة التي رفعها جزء كبير من الشعب اللبناني إبان انتفاضة 17 تشرين، فخنقت صوت الناس الموجوعين، ليحل محله حقد الشتائم وأزيز الرصاص.

ثانيا: لم يبق من حراك 17 تشرين إلا الشعب المتألم، المتحسر على سرقة الصرخة التي أطلقها، تماما كسرقة المال العام، وفي مقابل هذا الشعب، بعض الوجوه الساعية إلى الشهرة، أو إلى المحافظة عليها، من خلال المتاجرة بمطالب الناس، فيما هدفها في المحصلة شخصي، لا يتعدى استقطاب الأضواء الإعلامية أكثر، أو الأعداد الإضافية من المتابعين على مواقع التواصل، وصولا إلى توسل المناصب السياسية ربما في مراحل لاحقة.

ثالثا: بات من الواضح جدا، أن استهداف المقاومة بما ومن تمثل، عنوان أول على أجندة البعض، الذين يحاولون باستمرار، في الخارج والداخل، حرف الحراك الشعبي عن أهدافه الأساسية، في اتجاهات لا يمكن البلوغ إليها إلا عن طريق الحوار والتوافق الوطني. ومن هنا، استحضار موضوع القرار 1559، وملف سلاح “حزب الله”، وهما شأنان يدرك الجميع أن طرحهما بالشكل الذي جرى في الأيام الاخيرة، ينم عن بساطة وسذاجة، لا يمكن الركون إليهما في إيجاد الحلول.

رابعا: كرر بعض الأحزاب والشخصيات المسيحية، تجسيد السطحية والخفة في المقاربات الوطنية والسياسية، من خلال تكرار استرجاع شعارات مكانها الطبيعي هو ذاكرة التاريخ ورفوف الأرشيف، كرد فعل على ممارسات مرفوضة، مع الإشارة إلى أن التحريض قد يكسب معركة أحيانا، لكن التفاهم بين اللبنانيين هو في النهاية من سيربح الحرب.

خامسا: أكدت أحداث الأمس بما لا يقبل الشك، أن البديل الوحيد للحكومة الحالية هو الحكومة الحالية، لكن بعد التخلي عن ذهنية البطء وعقلية المماطلة على درب إنجاز ملفات كثيرة مطلوبة، بينها تعيينات وإجراءات ملحة معروفة على أكثر من صعيد.

سادسا: كرست التطورات الأخيرة معادلة سهلة، مفادها أن المطلوب في لبنان يبقى واحدا من اثنين: إما احترام النظام القائم على أكمل وجه، والتمسك بالمناصفة الكاملة والشراكة التامة إلى أبعد الحدود، أو الانتقال فورا إلى البحث في إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية، كمدخل لا غنى عنه إلى الدولة المدنية، التي تبقى هي الخلاص، لأن نظامنا الحالي يولد الأزمات وتطويره واجب، تماما كما أعلن اليوم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

مع الاشارة إلى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اعتبر اليوم أن التعرض لأي رمز ديني لأي طائفة لبنانية، هو تعرض للعائلة اللبنانية بأسرها، ذلك أن مناعتنا الوطنية نستمدها من بعضنا البعض، وقوتنا كانت وتبقى وستظل في وحدتنا الوطنية أيا كانت اختلافاتنا السياسية.

وتوجه الرئيس عون إلى ضمير كل مسؤول سياسي أو روحي، وإلى الحكماء من اللبنانيين الذين عايشوا أحداث العامين 1975- 1976 التي ما زالت ماثلة أمامنا، للقيام بما يتوجب عليهم، كل من موقعه، من أجل وأد أي شكل من أشكال الفتنة الناجمة عن المساس بمقدسات بعضنا البعض الدينية والروحية والمعنوية، والتي من شأنها، إن استعرت، أن تقوض الهيكل علينا جميعا، في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى أن نضع اختلافاتنا السياسية جانبا، لنسارع إلى العمل معا من أجل استنهاض وطننا من عمق الأزمات المتتالية عليه، خصوصا بعدما ملأت أصوات اللبنانيين الشرفاء المحقة الساحات، مطالبة بعيش كريم لائق لجميع أبناء الوطن الواحد.

وختم الرئيس عون قائلا: ليكن ما جرى ليل أمس جرس إنذار للجميع، لكي يعوا أن ليس بالتعرض لمقدسات بعضنا البعض نحقق أي مطلب مهما كان محقا، وليس بالشتائم نحقق عيشا كريما، وليس بالاعتداء على العسكريين والتعرض للمتاجر والمؤسسات نصل إلى أهدافنا، لأن أي انتكاسة أمنية إن حدثت لا سمح الله، لن تكون لمصلحة أي كان، فلا نصرة لأحد منا على الآخر بالقوة أو العنف، وما الخاسر في ذلك إلا خيرة شبابنا وهم مستقبلنا، وحقهم علينا أن نمنحهم الدفع قدما للحياة الكريمة، لا إلى التقاتل وسفك دمائهم من خلال ازدراء مقدسات وقيم بعضنا البعض.