Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الاثنين في 22/06/2020

جميع الناس جبلوا من طينة واحدة , يقول فيكتور هيغو في رائعته الخالدة البؤساء . الخيال هو ذاته منذ ما قبل الحياة واللحم هو ذاته اثناءها والتراب هو ذاته بعدها. لكن الجهل والشر والحقد يسودون الانسانية وهذا الحقد لا علاج له يتفشى ويتحول الى شر مستطير .

لو عاد هيغو اليوم لراى الشر والحقد والكراهية يسكنون في لبنان نفوسا مريضة واشكالا بغيضة مثل مونبارناس الشقي المجرم في روايته . يمشي وزهرة مغروسة في عروة سترته بينما الة القتل في جيبه الكبير .
امثال مونبارناس الى مهاوي الشتيمة والنميمة ينزلون دائما وفي منحدرات الموبقات والترهات يقبعون ابدا.الابتزاز عندهم انجاز والبذاءة في قاموسهم اعتزاز .
لو عاد هيغو لوجد ان الزمرة التي تحدث عنها في كتابه منذ قرنين بعثت في لبنان . فهم سارقون مبتذلون اشقياء , وكانوا يؤلفون شبكة واسعة من الاحابيل ويتآمرون على عابري السبيل بطريقة تشبه انقلاب الدولة التحتية . وكانوا يبتكرون الافكار الهدامة كأن ابالسة الليل الحالك السواد يوكلون اليهم تنفيذ خططهم الجهنمية ومساندة كل مؤامرة تدر عليهم اوفر الارباح .. هذا بعض من الاقتباس .

لو عاد هيغو وعرج على لبنان لوجد ان طبقة الفقراء والبؤساء الجدد صارت اكبر من الاثرياء الجدد الذين لم يتركوا اخضر ولا يابسا . لم يحققوا انجازا واحدا منذ 30 عاما سوى البؤس واليأس وقرف النفس للناس والغرف من بيت مال اللبنانيين والتسكع على اعتاب المفوضين السامين وضباط المخابرات , والتسول من الصناديق الدولية بعدما افرغوا الصناديق المحلية وملؤها استدانة ومهانة واهانة لبلدهم . كل الدول والامم التي تواجه تقلبات الزمن تتوحد في وجه المحن . بدلا من ذلك نرى انقسامات ونسمع سجالات . وفي وقت تستكمل مهزلة الدولار والانهيار فصولها , تعمل الخناجر في الظهور وتسخر المنابر للفجور وتتغرغر الحناجر بالبخور لامراء الحرب وارباب القصور .
كلام مأجور لتافه مسعور بتحريك من محرض موتور . خليط مولوتوف متفجر من الجهالة والنذالة والسفالة .

كورونا قلبت الدنيا رأسا على عقب .
التوتر والتفجر في الشرق الاوسط لم يبلغ يوما هذا المدى . الهلال الخصيب يغطيه سواد كئيب . التنين الصيني يتحدى النسر الاميركي والدب الروسي يشحذ مخالبه . البارود الذي اخترعه الصينيون يقبع الان تحت براميل النفط وابار الغاز .
البطالة تعصف والركود يقصف والجمود يحذف صناعات واقتصاديات وشركات .
في لبنان تبخرت اكذوبة الدولار وبحبوحة الازدهار ودهمتنا باكرا شيخوخة الانهيار .

اميركا ناظر مدرسة مهووس بالعقاب ليس فقط لطالب بل لمدرسة ولجنة الاهل والادارة وكل من يقف في وجه مسطرة الناظر من ايران الى لبنان . تتفرج على تركيا تعبر المتوسط الى ليبيا وتحمس السيسي على معركة علمين جديدة وتذكر السعودية بالوقوف الى جانب مصر وتعيد خلط الاوراق مع الروس من طرابلس لبنان الى طرابلس الغرب . فرنسا تجمد دعمها للبنان واوروبا تفرمل اندفاعتها لاصلاح ذات البين مع طهران .
وفي لبنان يقف المواطن بين شرق وغرب، بين طائف وصيغة. بين عبدة فتنة واكلة جبنة. بين ثورة جياع وغزوة رعاع، بين جمر الالم وفجر الامل .. بين اشرف الناس
ومونبارناس …