يوم امتلأ سد القيسماني بالماء، وملأت صوره مواقع التواصل، سارع أحد النواب فجأة إلى تبني المشروع، ونسبه إلى زعيمه السياسي، الذي لم يوفر هجوما أو تهشيما أو تضليلا، إلا واستخدمه بهدف وقف الإنشاء…حتى أنه أوعز بمقاطعة حفل التدشين.
نذكر بهذه الواقعة، لا لنكء جرح قديم، ولا لفتح خلاف جديد، بل لتذكير اللبنانيين بنهج المنظومة، وآلية عملها، وهما لا ينتجان إلا الخراب بعد النكد والتعطيل.
فإذا لم يدرك اللبنانيون بعد أن عرقلة سد بسري، وقبله عملية التهشيم بسائر السدود الناجحة أو التي ستنجح، تشبهان عرقلة خطة الكهرباء، فتلك مصيبة.
وإذا كانوا مدركين، وهم صامتون يتفرجون، فتلك مصيبة أكبر.
ففي حالتي الكهرباء والسدود، الجميع وافقوا، في مجلسي النواب والوزراء وبالإجماع.
وفي الحالتين أيضا، معظم الذين وافقوا، تحولوا فجأة إلى نجوم عرقلة.
ففي موضوع الكهرباء، ما نفْع ذرف دموع التماسيح على العتمة اليوم، بعدما كانت العرقلة مسموحة أمس؟ وما الجدوى من تناقل صور الشموع والقناديل والمدن والبلدات المظلمة؟
وكما في الكهرباء، كذلك في السدود: ماذا ستنفع الشكوى من العطش غدا، وما الجدوى من التباكي على الشح بمياه الري، إذا مر التعطيل اليوم؟
لحل في موضوع الكهرباء، هو في تنفيذ الخطة التي حظيت بالإجماع.
والحل في موضوع السدود، هو في إنشائها، لا في المغالاة في تأييدها بداية، ومتى بدأ التنفيذ، ودفعت بعض التكاليف، يبدأ الهجوم السياسي، خصوصا أن المحاضر موجودة، والتواقيع مرصودة، والتغريدات توثق المواقف المهللة والمرحبة، قبل أن تنقلب بسحر ساحر سياسي.
وفي كل الأحوال، إذا أردتم وقف التنفيذ، فعوضوا على لبنان الأربعمئة مليون دولار وأكثر التي تكبدها حتى الآن على الاستملاكات وبدء الاعمال.
اليوم، قال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كلمته: أنا مع سد بسري لأنه يروي بيروت.
وقبله، سجلت كتلتا الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير موقفين مؤيدين، ممثلتين بنوابهما في العاصمة والضاحية.
وإذا كان اي اعتراض علمي وبيئي قابلا للنقاش والحوار والبحث، فيبدو أن المعطلين السياسيين للمشروع باتوا وحيدين، ومفضوحين، فالحمل هو الحمل، والذئب هو الذئب، ولو سمي الحمل ذئبا، والذئب حملا.
هذا في موضوع السدود والتسييس، أما في ملف كورونا، فالإقفال يعود غدا. لكن تحقيق النتيجة المرجوة يتوقف قبل كل شيء على التزام المواطنين اجراءات الوقاية اليوم قبل الغد، لا أكثر ولا أقل.