في الثاني من آب 1990، اجتاح صدام حسين الكويت، فنشأ التحالف الدولي، الذي دفع لبنان ثمن انضمام سوريا إليه، اجتياحا لما تبقى من أراض حرة فيه، فكانت العبرة يومها، التضحية بالوطن الصغير، على مذابح مصالح الدول الكبيرة.
وفي الثاني من آب 2014، اجتاحت جحافل الإرهاب، أراض لبنانية حرة، ومنع تحالف المترددين والمتآمرين والمستفيدين يومها الجيش من التحرك، فكان استشهاد الضباط والجنود، وخطف العسكريين، وبدأت مأساة لم تحسم إلا على عهد ميشال عون، فكان فجر الجرود، وظلت العبرة أن النأي بالدولة عن أرضها وشعبها جريمة، وأن التباين حول الثوابت، خطيئة.
بعد الثاني من آب 1990 وتداعياته، دفع لبنان الثمن خمسة عشر عاما من الوصاية، أسست في شقها الاقتصادي والمالي لما نعاني منه اليوم.
وبعد الثاني من آب 2014 وارتداداته، تكبد الوطن خسائر لا تعوض، بالسيادة والأرواح.
أما في الثاني من آب 2020، وفيما الوطن غارق في كارثة اقتصادية ومالية ومعيشية غير مسبوقة، وفي وقت تستفحل فيه الأزمة السياسية في ظل غياب حس المسؤولية عن معظم من يزعم اليوم المعارضة، فيما كان حتى أمس القريب في صلب المتسببين بالمأساة، وفي ظل وجود مليون ونصف المليون نازح سوري عدا اللاجئين الفلسطينيين على أرض لبنان… وتزامنا مع وباء مرعب يفتك بالعالم، ومنه لبنان، حيث ترتفع أرقام الإصابات في شكل سريع جدا، ما دفع بمستشارة الشؤون الصحية في رئاسة الحكومة إلى قرع جرس الإنذار من جديد،…في ظل كل ذلك، يجد البعض متسعا من الوقت لملء فراغه الفكري بتفاهات من نوع اتهام رئيس الجمهورية بعدم تهنئة اللبنانيين في عيد الأضحى، علما أنه كان أول المهنئين، إلى جانب ذهنية خلاقة، وإبداع شرير في ابتداع الأكاذيب ونشر الإشاعات، واختراع القضايا الوهمية، كمثل الحديث عن تعمد حذف مقطع من أغنية في احتفال عيد الجيش، لأنه يتحدث عن الثورة.
حقا، “يللي استحوا ماتوا”، وإن لم تستح، فافعل ما شئت، واكذب اكذب حتى يصدقك الناس، ولن يصدقوا.
عبرة الثاني من آب 1990، ان الوطن الصغير يضحى به على مذبح مصالح الدول الكبيرة. وعبرة الثاني من آب 2014، أن النأي بالدولة عن أرضها وشعبها جريمة، وأن التباين حول الثوابت خطيئة. فلتكن عبرة الثاني من آب 2020، وقبل أقل من شهر على مئوية لبنان الكبير، أن نتوحد حول الثوابت، وأن نلتف حول الدولة، حتى لا يحسب وطننا من جديد، جائزة ترضية.