“حقيقة، حرية، وحدة وطنية”.
شعار ثلاثي، وحد اللبنانيين في الرابع عشر من شباط 2005، بعدما أمعن الأوصياء طيلة خمسة عشر عاما، على تصويرهم مفرقين بين مضطهدين مطالبين بالحرية والسيادة والاستقلال، ومضطهدين منادين بالضروري والشرعي والمؤقت.
غير أن الشعار الثلاثي الذي جمع الساحات مع استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ما لبث أن أعاد تقسيمهم حول المفاهيم:
فعن أي حقيقة كان يبحث اللبنانيون؟ عن حقيقة الاغتيال، أم عن حقيقة الأهداف السياسية الخارجية، من جرائه؟
وعن أي حرية كانوا يفتشون؟ عن حرية الوطن بعد زوال الوصاية، أم عن حرية تبديل الوصايات، ونقل البندقية من كتف إلى كتف؟
وعن أي وحدة وطنية كانوا يتحدثون؟ الوحدة الشكلية، أم الوحدة الفعلية، القائمة على احترام الميثاق، بما يعنيه من مناصفة وشراكة ودور؟
المفاهيم ثلاثة، تجادل يتجادل اللبنانيون حولها منذ سنة 2005، فيتقاذفون الاتهامات، ويتبادلون التخوين، مغيبين الحوار الصادق في ما بينهم، الذي يبقى وحده طريق الخلاص، في كل زمان ومكان.
بعد خمسة عشر عاما على الجريمة، صدر حكم محكمة لاهاي. أما الحقيقة والحرية والوحدة الوطنية، فرهن إرادة الناس، الذين أكدوا اليوم بوضوح، أنهم ضد الفتنة، وأن التحريض لن يفعل فعله في إعادة البلاد إلى آتون الحرب والموت والدمار.
بعد خمسة عشر عاما على الجريمة، صدر حكم محكمة لاهاي. أما حكم محكمة الشعب اللبناني، ففي انتظار كل من كذب وشوه وضلل وأدلى بشهادة زور وسيس واستثمر وتاجر، ليدفع الوطن وحده الثمن الكبير.
أما في المواقف، فاعتبار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان تحقيق العدالة يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة التي هددت الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان وطاولت شخصية وطنية لها محبوها وجمهورها ومشروعها الوطني.
دعا رئيس الجمهورية اللبنانيين، الى ان يكون الحكم الذي صدر اليوم عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعواته الدائمة الى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من اجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف الى اثارة الفتنة، لا سيما وان من ابرز اقوال الشهيد ان ما من احد اكبر من بلده. واعرب الرئيس عون عن امله في ان تتحقق العدالة في كثير من الجرائم المماثلة التي استهدفت قيادات لها في قلوب اللبنانيين مكانة كبيرة وترك غيابها عن الساحة السياسية اللبنانية فراغا كبيرا.
اما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فقال: اليوم، وبعد حكم المحكمة الخاصة، يجب ان نربح لبنان الذي آمن به الرئيس الشهيد وطنا واحدا موحدا… وليكن لسان حال اللبنانيين: العقل والكلمة الطيبة كما عبر الرئيس سعد الحريري باسم أسرة الشهيد”.
بعد خمسة عشر عاما على الجريمة، صدر حكم محكمة لاهاي. وفي انتظار حكم محكمة الشعب، طويت بالمبدأ صفحة المحكمة الدولية، لتفتح غدا صفحة جديدة من صفحات لبنان الواحد، والدولة الموعودة.