IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الأحد في 23/08/2020

مجرمون كثر وقع لبنان تحت رحمتهم في الحرب، وتوزعوا على جميع المناطق والطوائف والمذاهب. جميعهم رفعوا شعارات جميلة، لكن جميعهم قتلوا ونهبوا وكانت لهم ولاءات خارجية متعددة، وفي المحصلة جميعهم صاروا يوضاس، الذي سلم لبنان.

غير أن المفارقة، أن يوضاس الذي سلم السيد المسيح قبل ألفي عام تقريبا، أدرك هول الجريمة، فشنق نفسه. أما يوضاس الذي سلم لبنان قبل ثلاثين عاما، تناسل سياسيا، وأصبح عابرا للانقسامات التقليدية في لبنان، فتكاثر في معظم مؤسسات الدولة وإداراتها وأجهزتها، مزينا نموه فيها، كما في زمن الحرب، بأجمل العناوين، حتى تحول إلى منظومة إجرامية تضرب جذورها عميقا في الفساد، وتترامى أطراف غصونها بعيدا في الاقتصاد والمال وحتى الإعلام.

إما أن تسير بما هو مفروض، أو أن تنفى ويزج بأنصارك في السجون، حيث يعانون أشد أشكال الاضطهاد. تلك كانت المعادلة التي حكمت لبنان بين عامي 1990 و2005. أما اليوم، وبعد إنجاز التحرير واستعادة الميثاق والمناصفة والشراكة من بين أنياب أيتام الوصاية، وأرباب الاستئثار والإلغاء، يبدو أن ثمة من يسعى في الليل والنهار، وفوق الطاولة وتحتها، إلى تكريس معادلة من نوع آخر: فعام 2020، إما أن تصبح جزءا من المنظومة المجرمة، أو أن تفترسك المنظومة، فتغتالك سياسيا بتمهل، أو بضرية تشاؤها قاضية، وتمنن النفس بمستقبل قريب تسترجع فيه ما استعيد منها بقوة الحق، وقدرة الشعب.

هذا هو بالذات ما يرتكب يوميا، في السياسة والإعلام وعلى مواقع التواصل، سواء من أغبياء أو من عملاء.

غير أن أولئك الذين لم يتعلموا من التجارب، والذين يسعون إلى تكرارها، غير آبهين بالعواقب، فاتهم أن الزمن تحول، وأن المعطيات مختلفة، وأن ما كان ممكنا بالأمس، صار من سابع المستحيلات اليوم.

فالأرض يمكن احتلالها لكن إلى حين، والأحزاب يمكن ضربها لكن لوقت، والأشخاص يمكن تشويه صورتهم وسمعتهم لكن لفترة. أما الشعب الحي، فإلحاق الهزيمة به، مجرد وهم. والدليل، الثالث عشر من تشرين الأول 1990 وحرب تموز 2006.

ففي مواجهة الحديد والنار، النصر هو دائما للشعب، سواء بعد خمسة عشر عاما، أو خلال ثلاثة وثلاثين يوما. ومن هزم الحديد والنار، لن تتغلب عليه تركيبات إعلامية، وتلفيقات عبر مواقع التواصل، برعاية مافيات موروثة من زمن الحرب المشؤومة، إلى أيام المنظومة الملعونة.