اعلن رسميا قيام لبنان الكبير، فيما اشارككم فرحتكم وافتخاركم. واحييه، باسم حكومة الجمهورية الفرنسية، بعظمته وقوته، من النهر الكبير حتى أبواب فلسطين والى قمم السلسة الشرقية”.
بهذه الكلمات، وقبل مئة عام بالتمام والكمال، أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو من قصر الصنوبر في بيروت، نشوء لبنان بحدوده الحاضرة، محاطا بالبطريرك الياس الحويك والمفتي مصطفى نجا والفاعليات اللبنانية، ومتوجا بذلك المساعي الحثيثة التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى، من دون أن يعني ذلك، اختصار قصة لبنان التي تعود إلى آلاف السنوات الحضارية، في يوم واحد فقط.
أما اليوم، ومن قصر الصنوبر إياه، فيعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فتح صفحة جديدة من عمر لبنان، لا عودة فيها إلى انتداب أو وصاية، بل تكريس لصداقة تاريخية، بتشجيع القوى الممثلة للشعب اللبناني، على العمل معا للخروج من الأزمة الراهنة، بتشكيل حكومة تتولى مهمة الإنقاذ الآنية أولا، وإطلاق حوار وطني حول الأساسيات ثانيا، ما يضع الحجر الأساس لقيام الدولة المدنية، أو دولة المواطنة الفعلية، التي لا تقف فيها الخطوط الحمر الطائفية والمذهبية، حاجزا تحول عبره الميليشيات المدنية دون عبور الإصلاح، تماما كم منعت الميليشيات المسلحة في سنوات الحرب اللبنانيين من التواصل والمرور.
من الناحية الفرنسية، الدعم قائم ومستمر، ومساعدة اللبنانيين جارية، شرط أن يساعد اللبنانيون أنفسهم بالحوار، وبترجمة النوايا الإصلاحية المعلنة، أفعالا واقعية في مجلس النواب والحكومة، على منوال الاشارة الواضحة بإعلان الرئيس ميشال عون اليوم توقيع عقد التدقيق المالي الجنائي، الخطوة المفصلية المنتظرة على طريق الاصلاح ومكافحة الفساد. وأكد الرئيس عون في هذا السياق، أنه كما سبق وتعهد بمتابعة التحقيق حتى يأخذ مجراه الى التوقيع، يجدد التعهد الان بمتابعته له حتى يأخذ مجراه في التنفيذ.
الرئيس عون أعلن في الغداء التكريمي على شرف الضيف الفرنسي أن الأمل يرتكز اليوم على تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على اطلاق ورشة الإصلاحات الضرورية، من اجل الخروج بالبلد من الأزمة الحالية. والامل يكمن أيضا في جعل آلامنا حافزا يدفعنا الى ان نغدو دولة مدنية، حيث الكفاءة هي المعيار، والقانون هو الضامن للمساواة في الحقوق. وقال: تحقيقا لهذه الغاية، التزمت الدعوة الى حوار وطني لكيما نبلغ الى صيغة تكون مقبولة من الجميع.
في مئوية لبنان الكبير، نردد مع جبران خليل جبران: لكم لبنانكم بكل ما فيه من الأغراض والمنازع، ولنا لبناننا بما فيه من الأحلام والأماني.
وفي مئوية وطن الأرز، نغني مع فيروز التي كرمها ضيف لبنان الكبير: رح نرجع من حرايق، رح نرجع من شوارع، و لبنان الحقيقي جايي، وبضو الفجر الطالع تتوهج الحياة.