من يتحمل مسؤولية تطيير المبادرة الفرنسية، أو على الأقل المخاطرة بتطييرها؟
هذا هو السؤال الوحيد الذي يشغل اللبنانيين اليوم، بعدما رأوا في الخطوة الفرنسية تجاه لبنان بعد انفجار المرفأ، نافذة حل “كان ميتا فعاش، وكان ضالا فوجد، فابتدأوا يفرحون”، قبل أن تعود التطورات الاخيرة لتضع آمالهم في مهب الريح.
المشهد اليوم، في نهاية مهلة الخمسة عشر يوما التي اتفق عليها خلال الزيارة الثانية في أقل من شهر واحد للرئيس الفرنسي للبنان، يمكن اختصاره على الشكل الآتي: فريق داخلي يتهم الثنائي الشيعي بالتصلب في الموقف من رفض المداورة والتمسك بوزارة المالية، وفريق داخلي آخر يتهم الفريق الحريري وتجمع رؤساء الحكومة السابقين ومن يمثلون، باستغلال الدفع الدولي، ل فرض موازين قوى جديدة على الساحة المحلية، مهما كان الثمن.
اما رئيس الجمهورية الذي أجرى مشاورات على مدى يومين، فالثابت أن همه الوحيد إنقاذ البلاد من أزمة الثلاثين عاما الماضية، عبر تشكيل حكومة منتجة وفاعلة، قادرة على رسم خطط الإصلاح وتطبيقها، والاستفادة من الجو الدولي الايجابي، لتحقيق مصلحة لبنان.
هل أنهت التناقضات الداخلية المبادرة الفرنسية؟ وهل سبب التعثر الراهن أصلا محض داخلي؟ أم أن المبادرة صامدة، وما يجري مجرد ضعوط ومناورات متبادلة قبل ولادة الحل في اللحظات الاخيرة؟
الغموض كبير، والالتباسات اكبر. لكن الاكيد، أن لا حل في متناول اليد، أقله حتى اللحظة، من دون أن يعني ذلك أن فرنسا أقفلت بابها في وجه لبنان، بدليل تشديد الرئاسة الفرنسية اليوم على أن الأوان لم يفت بعد، وتأكيدها أن على الجميع تحمل مسؤولياتهم من أجل مصلحة لبنان فقط، والسماح لرئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب بتشكيل حكومة في مستوى خطورة الوضع.
وذكرت الرئاسة الفرنسية بأنها لا تزال تتابع الوضع باهتمان وتواصل اتصالاتها مع المسؤولين اللبنانيين لتجديد هذه الرسالة الملحة.
كل ما سبق، والمنطقة بأسرها في زمن تحولات جديد. أمس اتفاقيتا سلام بين اسرائيل وكل من الامارات والبحرين، وكلام عن دول عربية أخرى ستنضم خلال وقت قريب.
وأمس الأول، تلميح من الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي تتصاعد شعبيته تعد تراجه مزمن، إلى الملف الايراني من باب اتفاق جديد.
فلمصلحة من ما يجري اليوم؟ سؤال مشروع، لكن مشروع الجواب ينتظر عناصر اضافية، ومعلومات اكيدة، بعيدة عن التمنيات والتأويلات.