تحدث سعد الحريري أمس عن حكومة اختصاصيين غير حزبيين، واليوم، عن حكومة اختصاصيين فقط، من دون أن يأتي على ذكر الحزبيين أو غير الحزبيين.
وما بين موقفي أمس واليوم، نقل جورج عدوان عنه اليوم حديثا عن حكومة اختصاصيين مستقلين، فيما لفت جبران باسيل، إلى أن الاتجاه بات نحو حكومة سياسية، لكنه تمنى أن تكون تكنوسياسية.
أما محمد رعد، وردا على سؤال عن موضوع الاختصاصيين والحزبيين، فقال: هيدي تجاوزناها، ملمحا إلى أن للمشاورات تتمة.
من حيث الشكل، ما سبق غير مهم، إذا كان المضمون الإيجابي هو فعلا السائد. لكنه يدق ناقوس الخطر، إذا كان الجو العلني شيئا، والجو الضمني، شيئا آخر.
ولكن، عملا بقاعدة “تفاءلوا بالخير تجدوه”، فلنتفاءل بأن الشكل تفصيل، فيما المضمون هو الأساس.
فلنتفاءل بأن الجميع أدرك أخيرا وجوب الإصلاح، لأن الإصلاح مدخل الإنقاذ.
ولنتفاءل بأنهم جميعا فهموا أن الإصلاح لا يمكن أن تديره إلا حكومة إصلاحية، منبثقة من قواعد ميثاقية معروفة، ومسلمات تمثيلية غير قابلة للتجاوز، وقائمة على معايير واحدة موحدة وحدها تسرع التأليف، وإلا فالتعطيل والعرقلة بالمرصاد، كرد فعل طبيعي، من أي جهة تشعر بالاستهداف.
ففي المحصلة، الحكومات في لبنان لا تشكل بالنهاية، لا بالتصريحات ولا بالتغريدات ولا بالعنتريات ولا بالتمنيات، بل بالميثاق والدستور وبثقة الكتل النيابية والنواب الأفراد… وقبل كل شيء بتوقيع رئيس الجمهورية الذي يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، وفق نص المادة 53 من الدستور.
وفي الخلاصة، بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي أفضت إلى تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة في قصر بعبدا، انتهت الاستشارات النيابية البروتوكولية، بالمعنى السياسي، في مجلس النواب اليوم، لتبدأ المشاورات الجدية، بدءا بالقصر الجمهوري، الذي يتوجه إليه الحريري قريبا، ومرورا باللقاءات والاتصالات الجانبية، التي يفترض ألا تستثني أحدا، وأن تكون نتيجتها تفاهما وطنيا يضع القطار على سكة الخروج من الأزمة.