هل يحمل أسبوع البشرى التي غيرت العالم، بشرى الحل في لبنان، بدءا بتشكيل الحكومة؟، النتائج غير مضمونة، قياسا على التجارب والمواقف والنوايا المبيتة، لكن الأكيد أن رئيس الجمهورية الذي هو أصلا في حال مبادرة دائمة، يستعد للتحرك من جديد، وثمة لقاء مرتقب في اليومين المقبلين، بينه وبين رئيس الحكومة المكلف، يؤمل أن يتصاعد منه الدخان الأبيض، ترجمة لمبادرة رئاسية- بطريركية هذه المرة، إذا أتى اللقاء المذكور تكريسا لمنطلقين أساسيين هما:
أولا: إحترام الدستور، وهذا المطلب أكده لقاء رئيس الجمهورية بالبطريرك الماروني، ثم اجتماع بكركي بين رأس الكنيسة ورئيس “التيار الوطني الحر” بناء على دعوة من البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، ووصولا إلى لقاء الراعي بأمين سر تكتل لبنان القوي اليوم، بناء على دعوة بطريركية أيضا، وذلك استكمالا للاجتماعين السابقين وفي سياقهما، حيث كان الكلام واضحا من جديد، من رأس الكنيسة ومن المجتمعين به معا، وفي اللقاءات الثلاثة، لناحية احترام صلاحيات رئيس الجمهورية ونص الدستور وروحه في عملية تشكيل الحكومة.
ثانيا: الانطلاق من مبدأ عدم التعارض بين المبادرة الفرنسية والدستور. فالمبادرة التي ينبغي أصلا النظر إليها بشموليتها، وليس كأجزاء متناثرة منفصلة، تحدثت في الموضوع الحكومي عن حكومة مهمة من اختصاصيين، ولم تقل أبدا بحكومة تؤلف خارج الدستور والتوازنات الوطنية، وهذا ما شدد عليه الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحافي الشهير بعد اعتذار السفير مصطفى اديب، إثر الخلاف على وزارة المال بين رؤساء الحكومة السابقين والثنائي الشيعي، وهذا ما تؤكده التركيبة اللبنانية، التي تأبى الخروج على الميثاق ومخالفة الدستور وروحه، مع التذكير بأن للتوازنات الداخلية مرجعيات سياسية ووطنية، لا يمكن تخطيها، إذا كانت النية إنجاز التشكيل، لا البقاء في مراوحة التكليف بلا تأليف، فيما الوضع المعيشي من سيء إلى اسوأ.
وفي هذا السياق، لفتت إشارة النائب ابراهيم كنعان من بكركي اليوم، الى ان رئيس الجمهورية لديه الاستعداد لحسم ملف الحكومة، وفق منطوق الدستور والمبادرة الفرنسية بمضمونها الكامل وغير المجتزأ.
لكن، على هامش الحراك السياسي الجدي، حركات سياسية بلا معنى منها تمنيات وأوهام، وبعضها مطالبات باستقالة رئيس الجمهورية، مباشرة أو بالتلميح. وهذه الدعوات بالذات مصادرها ثلاثة:
أولا: رؤساء أحزاب وكتل أحجموا هم عن استقالة ورطوا غيرهم بها بعد انفجار المرفأ، ولا يقدمون عليها اليوم لحسابات سياسية، لكنهم يزايدون. ثانيا: طامحون رئاسيون يتخبطون في السياسة، فلا يقدمون مشروعا مفهوما، بل يرفعون اللهجة حينا ويصمتون أحيانا، قبل أن ينبروا إلى استخدام التهديد اسلوبا غريبا عن عادتنا وتقاليدنا وطبيعتنا اللبنانية. ثالثا: نواب مستقيلون، لا يحملون من طوائفهم ومذاهبهم في السياسة إلا الإسم، فتمثيلهم لأبنائها يكاد يكون معدوما، حتى لا نقول نكرة، ثم يتطاولون على رئيس الدولة الذي لم يتبوأ الموقع في الأساس، إلا لأن آلافا من اللبنانيين أرادوا له ذلك، على مدى ثلاثين عاما وأكثر، وفي محطات ودورات انتخابية عدة.
في كل الأحوال، في أسبوع البشرى السماوية، فلنصل من أجل بشرى أرضية لبنانية، عسى أن ينتهي الكابوس، وأن نلمح الضوء في نهاية النفق.