يقال إن أحدهم سأل هتلر ذات يوم: “من أحقر الناس الذين قابلتهم”؟، فأجاب: “أولئك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم”.
العدو الاسرائيلي لم يهزم يوما لبنان، لكن الاجتياحات المتتالية لأراضينا كانت ممكنة بفعل تواطؤ بعض الداخل، ولو دفع الوطن كله الثمن.
السلاح الفلسطيني المتفلت لم يخلخل وحده أسس الدولة، بل تعامل بعض اللبنانيين مع هذا السلاح، هو من شق طريق الحرب، وعرض القضية الفلسطينية للخطر في لبنان.. ولبنان لخطر التوطين،…والتجربة معرضة للتكرار مع النزوح السوري.
الوصاية السورية لم تفرض هيمنتها على لبنان بقوتها العسكرية فقط. فلولا تنازل لبنانيين كثيرين عن سيادة وطنهم، لما احتلت البلاد ثلاثين عاما، ولما قاسى شعبها الويلات.
الأزمة الإقتصادية والمالية بدورها، لم تفتك من تلقاء نفسها بلبنان. فلولا الخطايا المميتة التي لا تغتفر لبعض المسؤولين، ولولا التصرف اللامسؤول حتى لا نقول المسيء لبعض المواطنين، لما كنا اليوم في قعر الهاوية، ولما كان لبنان يتسول على أبواب الدول مساعدة تعوض بعض ما سرقه لبنانيون، تماما كما تسولوا يوما سيادة وطنية فرط بها بعض اللبنانيين.
أما في موضوع كورونا، فمنذ اليوم الأول لدخول لبنان في النفق: نمشي وبيننا يغل خائنون، تماما كما تقول الاغنية. خائنون، وصفهم بعض الإعلام ب- “البلا مخ”، لكنهم أثبتوا أنهم أسوأ من ذلك بكثير.
منذ عام تقريبا وهم يعيشون حالة إنكار، مستخفين بالوقائع ومستهترين بالنصائح وساخرين ممن يلتزم إجراءات الوقاية، ولعل قمة وقاحتهم تلك التي تجلت بالتفلت غير المقبول وغير الطبيعي في فترة الاعياد. وفي كل الحالات، طبعا الدولة مسؤولة، ولكن لا يمكنها أن تخصص لكل مواطن من الأربعة ملايين شرطيا، عدا الضيوف، طالما لم تنفع مع قسم كبير منهم كل التحذيرات ومشاهد الموت المتنقلة بين المناطق والعائلات.
اليوم، وقعت الواقعة، الخيانة حصلت. خيانة الاجراءات وخيانة صحة الناس وخيانة حياتهم وخيانة المنطق وخيانة المصلحة الشخصية والعامة. اليوم أكد لنا “البلا مخ” أنهم فعلا أحقر الناس.
أما الدولة فباتت أمام خيارين أحلاهما مر: إما إقفال جديد وضرر إضافي على اقتصاد ضعيف، وإما التزام عدم الإقفال، وتعريض حياة آلاف الناس حكما للخطر الشديد، فيما المستشفات لم تعد قادرة على الاستيعاب.
وفي انتظار المسار الذي ستسلكه الامور، ليت الله ينير بعض العقول،…وليكن في عون لبنان!.