الحدث السياسي في لبنان تختصره اليوم كلمتان: جبران باسيل، فعلى مدى ساعة تطرق رئيس “التيار الوطني الحر” في إطلالته الأولى في العام الجديد، إلى عناوين الساعة، محددا موقف “التيار” من التطورات على الشكل الآتي:
أولا، بالنسبة إلى الوضع الإقليمي والدولي نأمل في عهد جو بايدن أن تعود أميركا إلى سياسة التحاور، وليس العزل والعقوبات لأن فيها مصلحة للبنان والمنطقة، وهذه السياسة الجديدة نأمل في أن تنعكس في لبنان توازنا أكبر للعلاقات الداخلية، وليس تقوية فريق على آخر.
ثانيا، بالنسبة إلى الحصار الدولي على مستوى الدعم المالي والمساعدات،…هو ورقة ضغط لنسلم ببقاء النازحين واللاجئين، ولنسير بالتطبيع من دون استعادة الحقوق ومن دون حماية مواردنا وثرواتنا، وخاصة الغاز في البحر…وهذه هي الحقيقة التي يحاول البعض، بفعل عمالته، التغاضي عنها ووضع المشكلة فقط بإطارها الداخلي.
ثالثا، في الموضوع الحكومي، الحكومة المقبلة عليها أن تدير البلد وتحدد مستقبله بظروف استثنائية، ولم تعد فقط حكومة “مهمة”. وبناء عليه، هل يصدق أحد أن اللبنانيين يأتمنون رئيس الحكومة المكلف لوحده، ومن خلال حكومة يؤلفها وحده بأن يأخذ لوحده قرارات مصيرية في البلاد؟، كلنا نعرف أن الجواب هو لا ونحن أقله، لا نأتمن سعد الحريري لوحده على الإصلاح، فنحن نحمل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الإقتصادية والمالية، إذ كيف نأتمن للشخص ذاته، مع الأشخاص الذين لا يقبل أن يغير أحدا منهم، وبسياسة التسعينيات عينها، إنه وحده يتولى الاصلاح وأن نعطيه “وكالة على بياض ونسلمه البلد”؟، عن جد مصدقين أن الدستور جعل من رئيس الجمهورية “باش كاتب” فقط ليصدر المرسوم وليس ليوافق عليه؟ وهل هذا مفهومكم للطائف؟.
رابعا، في الموضوع الاصلاحي، “انتو مصدقين انو هودي الناس بدن حكومة للإصلاح والتدقيق الجنائي ومحاربة الفساد وإعادة الأموال المحولة واستعادة الأموال المنهوبة، وكشف حسابات السياسيين وموظفي الدولة؟، مين منعهم أصلا يلتزموا بإصلاحات سيدر”؟ الجواب هو: “ما حدا غير الكسل والجهل وعدم الرغبة بالإصلاح والجوع لسرقة المال العام”، فهم “ما شافوا” من المبادرة الفرنسية وحاجة الناس وفقرهم إلا فرصة يستفيدون منها ليمارسوا ضغطا إعلاميا وسياسيا وشعبيا، كي يؤلفوا حكومة تعيد منظومة 1990-2005 لتمسك بالكامل بمفاصل المال والإقتصاد والأمن والقضاء، ويطردونا خارجا كما قبل 2005. فالمشكلة اليوم ليست فقط بالحكومة، بل بالإصلاح الذي يجب أن تقوم به،…ولو كانت هناك نية وإرادة للإصلاح، هناك أمور كثيرة يمكن القيام بها في المجلس النيابي بلا حكومة، أو بحكومة تصريف الأعمال بانتظار الحكومة، ولكن هذه الامور لا تتم لأن الإصلاح يضرب مصالح المنظومة.
خامسا، في ملف الكهرباء، “بيصيروا يسمعوا ويهددوا…ومين؟ مافيا الموتورات والفيول. عملوا تدقيق قد ما بتريدوا، فأنظف المناقصات إنعملت بإيامنا،…وما رح تلاقوا علينا قرش فساد…وبكل الاحوال، بالقمح بيسموه دعم بالمازوت اسمه دعم بالزراعة دعم، بالمستشفيات دعم… بكل شي اسمه دعم، بس بالكهرباء بيصير اسمه هدر ليوحوا انو في سرقة وفساد، بينما بالحقيقة يللي صاير هوي سياسة دعم هني عملوها من التسعينات، ونحنا ضدها”.
سادسا، في موضوع انفجار المرفأ، لا يجوز للقاضي أن يحصر تحقيقه بالشق الإداري فقط، ولا يجوز ألا ينجز التقرير اللازم حتى تدفع شركات التأمين الأموال للمستحقين.
سابعا، في موضوع النظام السياسي، نطلب وندعو ونبادر إلى طلب عقد حوار وطني ينتج تصورا لبنانيا مشتركا لنظام سياسي جديد يضمن الإستقرار. أما القفز فوق المشاكل البنيوية في النظام، والتذرع بأن “حزب الله” هو وحده سبب سقوط الدولة، فهذا يعني أن هناك من لا يريد حل المشكلة بعمقها.
ثامنا، في الموضوع الميثاقي، هناك غازي كنعان لبناني وقوانينه الإنتخابية حاضرة، ورستم غزالة لبناني وتعييناته حاضرة. فهل تريدون أن نعود ونخضع لمنظومة المال والإقتصاد نفسها التي أدت الى الدين والريع والإفلاس؟.
تاسعا، في الموضوع الإقتصادي والمالي والمعيشي، بقضية الدعم نتجرأ ونقول إن الدعم يجب أن يرفع تدريجيا عن كل شي، حتى لا يبقى المستفيد هو الميسور كالفقير، والأجنبي واللاجئ والنازح مثل اللبناني، وليقف التهريب الى سوريا ويتوقف استغلال التجار، وليحصل عليه فقط الفقراء والمعوزون عبر بطاقات مخصصة لهم.
أما عاشرا وأخيرا، فقيمة “التيار” هي قدرته على قول الأشياء الصعبة في الأوقات الصعبة، وتحمل نتائجها مهما كانت قاسية وثقيلة عليه. هذا على مستوى الحدث السياسي، الذي لا تؤثر فيه تعليقات دون المستوى، اعتاد عليها سياسيون دون المستوى.
أما بداية النشرة، فمن الحدث الصحي اليومي، أي معركة لبنان مع الفيروس القاتل، عشية الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية غدا للمجلس الأعلى للدفاع.