مع حراك حكومي متجدد او من دون، ومع نتائج ايجابية محتملة او من دون، لا بد من تسجيل الملاحظات الآتية:
اولا: يتأكد يوما بعد يوم ان الازمة اللبنانية الراهنة هي في اساسها ازمة نظام، اكثر منها ازمة سياسية، وهذا ما يتطلب مراجعة شاملة، بالتوافق، وبناء على العلم والمنطق، لا الحسابات الشخصية والطائفية والمذهبية، للآليات الدستورية المعتمدة، حتى لا تبقى حياتنا الوطنية مجرد تسويات سياسية عابرة بين ازمة وازمة. وفي هذا المجال، يمكن القول ان من حسنات الازمة الراهنة ذات السيئات التي لا تعد او تحصى، انها اسقطت نهائيا البحث في الخلل الدستوري من لائحة المحرمات الوطنية، بحيث صار امرا متداولا على كل شفة ولسان.
ثانيا: يتأكد ايضا، وبشكل يومي، ان من مظاهر الازمة واسبابها، تعدد الولاءات السياسية الخارجية لبعض الافرقاء. فإذا كانت العلاقات الاقليمية والدولية امرا مطلوبا، ولاسيما في هذا الظرف، فاستجداء تدخلات غير لبنانية في شؤوننا الداخلية لمعالجة ازمة، يكفي كي تحل ان يلتزم البعض المعروف مبادئ الميثاق ونصوص الدستور، يبقى امرا في غير محله من حيث المبدأ.
ثالثا: يزداد اقتناع اللبنانيين مع كل لحظة تمضي ان اي حكومة من ضمن التوازات السياسية الحالية، لن تحقق معجزة الاصلاح كما يتمنو…، من دون ان يعني ذلك على الاطلاق ان التشكيل ليس امرا ملحا، وانه لن يؤثر ايجابا في تحريك الدعم الدولي، ولاسيما الفرنسي، ثم اطلاق المفاوضات مع صندوق الدولي.
رابعا: ان تشكيل الحكومة متى يتم، لن يكون نهاية المخاض بل بدايته، ذلك ان اللبنانيين لا يثقون بتوجهات افرقاء كثيرين سيتمثلون فيها تحت شعار مهمة الانقاذ، ذلك ان مهمة هؤلاء الوحيدة منذ عام 1990، حتى لا نعود الى زمن الحرب، كانت في ان يخضعوا لبنان للوصايات المتنقلة، وان يغرقوه في الديون، وان يدمروا اقتصاده، فضلا عن افراغ الديموقراطية فيه من مضمونها بقوانين الانتخاب سيئة الذكر منذ عام 1992 وحتى قبيل اقرار القانون الحالي.
خامسا واخيرا: يكرس بعض الشخصيات والافرقاء بشكل يومي الكذب وقلة الاخلاق علامتين فارقتين في الحياة السياسية اللبنانية، تقابلهما علامات مضيئة كثيرة عبر الاصرار على مقاربة الحياة الوطنية بمبدئية معروفة، ونبل لا حدود له، وتمسك حتى النهاية بمشروع الاصلاح الحقيقي من قبل رئيس الجمهورية وافرقاء كثيرين.
وفي هذا الاطار، واستكمالا لمساره الاصلاحي التشريعي تقدم تكتل لبنان القوي اليوم
باقتراح قانون تحت عنوان “الشفافية والبيانات المفتوحة” وهو ينص على وجوب ان تعتمد الإدارة المتولية شأنا أو مالا عاما سياسة البيانات المفتوحة، اي بأن تجعل بياناتها الادارية كافة متاحة للعموم عبر مواقعها الالكترونية في المرحلة الاولى أو على بوابة منفصلة للبيانات المفتوحة في مرحلة لاحقة.
ومع هذا الاقتراح، يتكرر السؤال عن مصير عشرات اقتراحات القوانين الاصلاحية التي تقدم بها التكتل، وابرزها قوانين انشاء المحكمة الخاصة بالجرائم الواقعة على المال العام، واسترداد الاموال المنهوبة والمحولة وكشف الحسابات والممتلكات وغيرها.