لا قيامة للبنان من دون إصلاح. هذه هي خلاصة المواقف الإقليمية والدولية من الشأن اللبناني، التي تربط أي دعم محتمل في المستقبل، بإنجاز الإصلاح.
وهذا هو أيضا وأصلا، مطلب كل لبناني يطمح الى بناء دولة، ليس فقط منذ 17 تشرين الأول 2019، بل منذ 7 ايار 2005، يوم عاد العماد ميشال عون الى لبنان من المنفى، مطلقا حركة تغييرية وإصلاحية، حجزت لنفسها مقاعد نيابية، ثم وزارية، قبل أن تتبوأ رئاسة الدولة، وهي في كل تلك المرحلة كانت تتنقل بين معركة واخرى مع منظومة الفساد، التي كانت محاولة التعاون مع بعض أركانها ضرورية، بفعل الصفة التمثيلية التي منحهم إياها الناس، جاعلين منهم ممثلين لطوائف ومذاهب، بحيث لم يعد بالإمكان تخطيهم، بمنطق الحرص على الوحدة الوطنية والعيش المشترك.
أما الإصلاح الذي ينادي به الجميع في الخارج قبل الداخل، فله اليوم عنوان واحد. وهذا العنوان الواحد هو التدقيق الجنائي، الذي يخوض رئيس الجمهورية معركته منذ ما قبل الرئاسة بسنوات، وهو يواجه اليوم أعتى رافضيه المعلنين والمضمرين، بمنطق أن العناد في الحق وحده الذي يضع حدا لوقاحة الكذب.
والكذب في هذا الموضوع آن له أن ينتهي، ويوم الثلاثاء في هذه النقطة لناظره قريب. ومتى صار السير بالإصلاح مضمونا بأفعال لا أقوال، يصبح تأليف الحكومة تفصيلا بسيطا لا يستدعي كل هذا الوقت والأخذ والرد.
فمشكلة الحكومة العتيدة، ليست في الحصص ولا الأحجام، بل في الخشية من الإحجام عن الاصلاح، فلا نكون حققنا شيئا للبنانيين التغييريين والإصلاحيين منذ 2005، والمنتفضين او الثائرين منذ 2019، إلا إبقاء القديم على قدمه، ليس فقط بالأشخاص، بل بالنهج الذي أوصلنا الى الكارثة التي نحن فيها، بفعل ثلاثين عاما من الإدارة الكارثية للشأن العام…
فليكن الإصلاح لتكون قيامة…وليس موتا أبديا للاحلام بوطن ودولة وإنسان.