الحكومة في الثلاجة، والتدقيق الجنائي في مرمى النيران. أما مرسوم تعديل الحدود البحرية، فبرسم وزير الأشغال ومرجعيته السياسية.
هذا هو باختصار المشهد المحلي اليوم، والذي تسجل حوله الملاحظات الآتية: بالنسبة إلى الملف الحكومي، لا يزال التأليف ينتظر عودة الرئيس المكلف إلى جادة الصواب الدستوري والميثاقي، من خلال اعتماد معايير موحدة تساوي بين اللبنانيين. وهذا هو الممر الوحيد إلى حصول مرسوم التشكيل على التوقيع، وهو ما يدركه الجميع بكل تأكيد، لكنهم يواصلون الهرب إلى الأمام لعل وعسى.
أما في موضوع التدقيق الجنائي، الواقع يوميا في مرمى النيران، فالجواب الوحيد هو سؤال واحد برسم جميع الناس: هل تريدون إصلاحا فعليا في لبنان؟ أما أن كل ما ترغبونه من الإصلاح هو بقاؤه شعارا جميلا يتردد عاما بعد عام، في التصريحات والعظات والخطب، فيما ترجمته العملية خطوط حمراء عابرة للطوائف والمذاهب؟. ثم، عدا القدرة على تعطيله اذا كان النصف زائدا واحدا من وزراء الحكومة المقبلة، ووزير ماليتها ضده، فليفسر لنا أحد ماذا يعني دستوريا وقانونيا ألا تدقيق جنائيا بلا حكومة جديدة، وما الرابط الايجابي بين الاثنين؟.
وهذا المساء، لفتت تغريدة معبرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال فيها: “الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به”.
وفي ملف الحدود البحرية، وفيما يسود ترقب لعودة دايفيد هايل إلى بيروت، احتلت الصدارة على مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات سياسية وإعلامية وشعبية لوزير الاشغال، ولمرجعيته السياسية، بالتوقيع على التعديل المطلوب، حفاظا على حقوق لبنان. وفي هذا السياق، لفتت تغريدة مسائية للنائب طوني فرنجية جاء فيها: “تاريخنا معروف، ومنه نستمد سعينا لمستقبل يصون وطننا وحقوقه كافة. إن غدا لناظره قريب!”.
في السنوات السابقة، قال البعض إن لا تنظيم قاعدة في لبنان. وقبل يومين، صدر الحكم بإدانة رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري الذي استقبل الوفود المتضامنة من قوى تجمع 14 آذار السابق، كما زار المقرات السياسية لمختلف قيادات التجمع المذكور، فأشاد بهم، وسمع منهم الكلام المعسول. وما بين نفي وجود القاعدة، والادانة القضائية، شهداء عسكريون ومدنيون ومصابون دفعوا اثمان سوء التقدير والاخطاء والمصالح.
وقبل مدة، ثمة من شكك بوجود نفط وغاز في بحر لبنان. ومن الآن وحتى يستخرج النفط والغاز، وهما في المحصلة سيستخرجان، عسى ألا يدفع لبنان واللبنانيون مجددا أثمان سوء التقدير والخطايا والمصالح، من ثرواتهم الدفينة هذه المرة، تماما كما يدفعون اليوم أثمان دفن المعايير العلمية والتخطيط السليم، لا بل السرقة المنظمة، اقتصاديا وماليا على مدى ثلاثين عاما على الأقل.