العدالة. كلمة واحدة يكفي تحقيقها لفك عقد كثيرة على الساحة اللبنانية.
فالعدالة في قضية انفجار المرفأ، وحدها التي تمنح الأهالي وكل الشعب اللبناني شيئا من الإنصاف، فلا يدان بريء، ولا يبرأ متهم. وفي هذا السياق تأتي خطوة تخلية السبيل اليوم، خصوصا أن من أخلي سبيلهم قاموا بواجبهم تجاه الوطن والشعب على أكمل وجه، ولم يكن مقبولا ولا مسموحا ولا منطقيا أن يصبحوا شهداء العدالة، بعدما كادوا يصيرون شهداء الانفجار.
والعدالة في قضايا الفساد، وحدها التي تفتح طريق الانتصار في الحرب ضده. وطريق العدالة في قضايا الفساد أولها تدقيق جنائي مرفوض من قوى معروفة، وثانيها قوانين إصلاح معرقلة في إقرارها أو تطبيقها من أركان المنظومة، وآخرها قضاء جريء ومستقل وحازم، نبحث عنه كل يوم.
أما العدالة في تأليف الحكومة، فوحدها أيضا تفضي إلى التشكيل. والآن الآن وليس غدا، المطلوب أن يعيد رئيس الحكومة المكلف النظر في المسار الذي انتهجه منذ التكليف، ليصحح الأخطاء، بتطبيق الدستور وتكريس الميثاق وتوحيد المعايير، فالحكومة لا تولد إلا في لبنان، ومرسومها لا يصدر إلا بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالاتفاق بينهما، مع مراعاة الكتل السياسية التي يفترض أن تمنحها الثقة، على أساس برنامج مقنع، ومهل زمنية محددة.
والعدالة في قضية الحدود البحرية الجنوبية وحدها تعبد الطريق أمام الاستفادة من الثروات… وهي لا تتحقق إلا بالحفاظ على كامل الحقوق، وفي هذا السياق، اكد رئيس الجمهورية اليوم أنه مؤتمن على السيادة والحقوق والمصالح ولن يفرط بها، مشددا على تجنيب لبنان أي تداعيات سلبية قد تتأتى عن أي موقف غير متأن، مع بذل كل الجهود ليكون ترسيم الحدود موضع توافق بين اللبنانيين وليس موضع انقسام بهدف تعزيز موقف لبنان في المفاوضات….
في قضية انفجار المرفأ، جزء من العدالة تحقق اليوم. أما العدالة الكاملة، فمستحيلة من دون كشف الحقيقة الكاملة، والحقيقة الكاملة تتطلب كشف مسار الجريمة منذ اللحظة الأولى لدخول المواد المتفجرة، وإدانة المذنبين والمقصرين جميعا، بلا خطوط حمراء حول أحد، وبلا محميات سياسية أو طائفية أو مذهبية، وقبل كل شيء، بلا رهان على الوقت الضائع لتمييع قضية وطنية وإنسانية بحجم مستقبل ومصير.