الى زواريب السجالات السياسية، وتعابير الإسفاف والانحطاط والحقارة المعتادة، يحاول البعض جر قضية بحجم مصير وطن وشعب، جسدتها في اليومين الماضيين قاضية تحولت هي بذاتها الى قضية،…قضية القضاء على الفساد بدل القضاء على الوطن.
فبين بيانات سياسية فارغة، وتصريحات وتغريدات سخيفة، وعظات وخطب وخطابات لم تعد يقدم جديدا، راح أرباب المنظومة الفاسدة، بفروعها كافة، يتبارون اليوم في التهجم على غادة عون. كأني بهم يعودون بنا أياما الى الوراء، الى مشهدية الحق المصلوب، يوم راح الجنود يهزأون ويسخرون، من دون أن يعلموا أنهم في النهاية هم المائتون فيما الحق الذي ظنوا أنهم أماتوه، هو الحي.
مشهدية لم ترتبط يوما بزمان ومكان، بقدر ارتباطها بكل زمان ومكان وحق وانسان. هل القضاء اللبناني بخير؟، فليسأل كل لبناني نفسه هذا السؤال، وهو ضمنا يعرف الجواب. وليقارن كل لبناني بين مشهد القاضية المتمردة بالحق، وصورة جمهور الفساد، العابر للطوائف والمذاهب والمناطق والجماعات والمجموعات والاحزاب، كيف يهزأ ويسخر.
والمقارنة وحدها كفيلة بتظهير الحقيقة…فمن تصدقون؟.
واذا كانت القاضية القضية، استقطبت الأضواء في اليومين الماضيين، فعمليات التسلل التضليلية على الجبهات الاخرى لم تتوقف. منها مثلا، ما نقله أحدهم عن اجتماع وفد “التيار الوطني الحر” ب- دايفيد هايل، وقد نفاه المشاركون.
أما في موضوع التدقيق الجنائي، الذي بات يختصر كل عناوين الاصلاح في لبنان، فهو طبعا يحتاج الى حكومة. ليس لإطلاقه طبعا، لأنه انطلق… بل لمنع العرقلة ولوقف المماطلة التي تطل برأسها يوما، لتعود وتختبئ أياما، متحينة فرصة انقضاض جديد على الأمل الأخير.
إن الحكومة المطلوبة اليوم، في وطن يصارع من أجل الحياة والبقاء، هي حكومة تواكب التدقيق ولا تمنعه،…حكومة تحول دون تجسيد النوايا المبيتة حقائق غير قابلة للنقض بأكثرية النصف زائدا واحدا من عدد الوزراء، التي يحور البعض ويدور لمحاولة فرضها على الناس. وهنا بالتحديد بيت القصيد، وجوهر القضية في ملف التشكيل.