في المعاناة المعيشية، اللبنانيون واحد.أما في المعاناة السياسية، فهم ثلاث فئات:
الفئة الأولى تقارب المستقبل بيأس، ولا ترى في الاستحقاقات المقبلة أي فرصة للإنقاذ، او حتى على الأقل مجالا لبدء الخروج من الازمة.
أما الفئة الثانية، فلا تتطلع الى المحطات السياسية الآتية إلا من منظار تعزيز حضورها في السلطة، لا أكثر ولا أقل، ومن هنا مثلا تركيز القوات اللبنانية على وجوب تغيير الأكثرية النيابية، أي بصريح العبارة إسقاط أكثرية “التيار الوطني الحر” و “حزب الله” وحلفائهما، التي يدرك القاصي والداني أنها تتفق كثيرا في الاستراتيجيا لكنها تختلف اكثر في الملفات الداخلية، التي لا مجال لتعدادها الآن.
فهل اذا انتقلت الأكثرية النيابية الى قوى سياسية اخرى كالمستقبل والاشتراكي والقوات وآخرين…يتحقق الخلاص؟، وهل تحظى مقولة النائب عماد واكيم أمس بأن “القوات هي الأمل الوحيد الباقي بقبول وطني؟”. السؤالان برسم الشعب اللبناني الذي وحده يعرف الجواب ويعبر عنه في الوقت المناسب.
تبقى الفئة الثالثة، وعمادها التغيير، لكن ليس على طريقة “كلن يعني كلن” التي سقطت سقوطا مدويا، بل بناء على قراءة سياسية وعلمية دقيقة للتاريخين اأقرب والأبعد، ومن خلال فهم ضروري لما يحدث على الساحة المحلية من محاولة واضحة لإعادة وضع الشراكة والمناصفة الى مرحلة ما قبل عام 2005، من خلال استثمار المعاناة المعيشية التي خلقها ورباها وحماها من همشوا المسيحيين في زمن الوصاية السورية، وقاوموا بشراسة حتى عام 2016 عملية تحرير المواقع المسيحية من السياسيين غير الممثلين لبيئتهم الشعبية.
وبين المعاناة المعيشية والسياسية، يترقب اللبنانيون جميعا تطورات الأيام المقبلة. أنظارهم نحو سعد الحريري وقراره المطلوب بالتشكيل او الاعتذار، على وقع استسخافهم لحملة الاشاعات والتلفيقات المستمرة، ومنها ما صوب اليوم على النائب جبران باسيل لناحية تهريب أموال واعتداء على مواطنة في البترون، وهما أمران بددتهما ونفتهما سريعا بيانات صادرة عن المكتب الإعلامي لرئيس “التيار الوطني الحر”.