بحسب تعريف موسوعة “ويكيبيديا” الإلكترونية، “الفلول” كلمة شاع استخدامها في السياسة لوصف “بقايا منظومة بائدة”، أكانت هذه المنظومة جيشا مهزوما أو نظاما سياسيا قضي عليه… أما في لبنان، فكلمة “فلول” لها تعريف واحد فقط لا غير. ليس المقصود بها طبعا، القوى السياسية صاحبة التمثيل الشعبي المعروف. فهذه القوى، سواء أكانت أحزابا أو تيارات أو حتى شخصيات، مكانتها محفوظة لدى الشعب. فدورها مستمد من مبادئ وممارسات وتضحيات، قد يتباين اللبنانيون حولها أو يتفقون…
أما مجموع الأشخاص الذين بنوا “أمبراطوريات سياسية كرتونية” في مرحلة الوصاية، في زمن قمع التيارات والأحزاب، وتغييب القادة الأساسين بين قبر ومنفى وسجن… فهؤلاء هم “الفلول”… بعضهم نائب منذ ما قبل الحرب. وبعضهم، عين نائبا عام 1991، أو ورث أو يستعد لوراثة من عين نائبا عام 1991. هؤلاء، استحوذوا على “النمر الزرقاء” غصبا عن الشعب. شعب قاطع حفلة التزوير التاريخية عام 1992، وشارك بعضه ترهيبا أم ترغيبا في مثيلتها عامي 1996 و2000…
مستفيدين من النفوذ السوري المبارك إقليميا ودوليا آنذاك، سخروا مقدرات الدولة خدمة لمصالحهم في السياسة. كل شيء كان يمر عبرهم، وإلا فأنت منبوذ ومضطهد ومبعد ومهمش. في الوزارات، ثبتوا أقدامهم. وفي البلديات، سطوا على ارادة الناس. أخرجوا فلانا من المخفر، أو أدخلوه إليه. هددوا “فليتان” في رزقه، أو أكرموه. هددوا هذا بتأخير رخصة قانونية، أو سمحوا لذاك بعشرات المخالفات…
الأمثلة كثيرة، ولا مجال لتعدادها الآن. فاللبنانيون يعرفونها، ولا تزال تشير إليها اليوم، صور مرفوعة هنا وهناك… بعد كل تحرير، ومع سقوط كل طاغية، يطارد المحررون “الفلول”. العملاء يحاكمون. أما المخطئون فيحاسبون في القضاء، أو في صناديق الاقتراع…
في لبنان، سقط نظام الوصاية عام 2005. أما “الفلول”، فظلوا جاثمين فوق الصدور. وإذا كان البعض أخرج من مجلس النواب بقرار من الشعب، فالبعض الآخر تلون، أو تمكن من الصمود، بفعل قوانين الانتخاب العرجاء… عامي 2005 و2009، كان الحصاد كثيرا، والفعلة قليلون… أما بعد سنة 2016، مع انتخاب الرئيس الجديد، ثم إقرار قانون الانتخاب الجديد، صار المستحيل ممكنا.
سقطت كل الحجج والذرائع والمبررات. وكل المطلوب، فقط ألا نخاف. خصوصا، من مجموع أوهام… في هذا الجو، تأتي رسالة الرئيس إلى اللبنانيين الثامنة من مساء الغد. وفي الجو المؤسساتي إياه، أتت رسالته اليوم إلى مجلس النواب، التي قرر بالتوافق مع رئيس مجلس النواب التريث في سلوك مسارها الدستوري، في انتظار نتيجة طعن قدمه عشرة نواب.