متى الحكومة؟. هذا السؤال اليومي الذي يطرحه اللبنانيون منذ عام تقريبا، لا يبدو أن الجواب عليه ممكن حتى اللحظة، او على الأقل هذا ما توحيه الأجواء الإعلامية المحيطة برئيس الحكومة المكلف، المعطوفة على البيان الأخير لرؤساء الحكومة السابقين وخطبة مفتي الجمهورية، في حضور الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس حكومة تصريف الأعمال.
أما على المقلب الآخر، فيمكن إيجاز الموقف على الشكل الآتي:
أولا:المطلوب حكومة في أسرع وقت ممكن لأن الاوضاع المعيشية لم تعد تطاق، كنتيجة طبيعية لثلاثين سنة وأكثر من السياسات الخاطئة والفساد. وفي هذا السياق ينبغي التعويل على التواصل البناء والإيجابي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، مع التنبه الدائم لمحاولات التشويش من كل حدب وصوب.
ثانيا: من غير المقبول أن يفرض على اللبنانيين الاختيار بين حكومة لا تنبثق عن الدستور والميثاق والمعايير الواحدة من جهة، وبين مواجهة الأزمة المستفحلة بلا حكومة. فالمطلوب بكل بساطة حكومة تشكل وفق الأصول كي تتمكن من التصدي للأزمة.
ثالثا: واهم من يراهن على استفحال الأزمة كي يرغم رئيس الجمهورية على التوقيع على ما يخرج على الثوابت، او على ما لا يقتنع به، وهذا ما أثبتته التجارب والأيام. فاذا كان هناك في مكان ما من قرر خوض هذه المغامرة الفاشلة حتما من جديد، من الأفضل أن يراجع حساباته كسبا للوقت، وكي يوفر على اللبنانيين مزيدا من المعاناة.
رابعا: إن العودة الى نغمة اتهام رئيس الجمهورية بالخروج على الطائف، او بالعمل وفق ذهنية ما قبل الاتفاق، باتت ممجوجة ومملة، ويبدو انها تستبطن تمسكا من بعض الجهات بمقاربة الطائف مرة أخرى وفق منطق الغالب والمغلوب وليس كوثيقة للوفاق الوطني، تضمن الشراكة والمناصفة بالفعل كما القول.
خامسا وأخيرا: إن أي تفسير جديد للدستور بما ينتقص من صلاحية رئيس الجمهورية ودوره المحوري في تشكيل الحكومة غير مقبول ولن يمر، والأجدى بمن يسعى من وراء الكواليس الى أن يأخذ بالمواربة ما لم يحصل عليه في العلن، ان يتجاوز الأمر، لأنه مكشوف، وفي المحصلة…متى الحكومة؟، الجواب لن يكون متاحا قبل أن يضع اللبنانيون دستورهم وميثاقهم ومصلحتهم وانتماءهم الوطني فوق كل اعتبار.