أمرنا في لبنان غريب عجيب.
الدولة مشلولة، ومعظم السياسيين يمشون بين نقاط الوعود، التي لم يعد يصدقها أحد.
الاقتصاد منهار، والمساعدات الدولية في انتظار، والحكومة لا تجتمع.
المالية العامة في نكبة، ومجلس النواب لا يقر التشريعات اللازمة، أو حتى التي بات بعضها لزوم ما لا يلزم.
الوضع المعيشي بتشعباته كافة في حال يرثى لها، وغالبية المسؤولين غائبون عن السمع والوعي، فيما القلة التي تشعر مع الناس وتسعى إلى حلول، ممنوعة من العمل.
الفساد يعشعش في كل زاوية من زوايا المؤسسات، وهو مرئي ومسموع من الجميع، لكن بعض القضاء متريث، والملاحقون يكاد عددهم لا يتخطى عدد أصابع اليد.
الدستور منتهك، والميثاق في خطر دائم، وبعض الرأي العام يتفرج، غارقا إما في الهموم، أو سابحا التضليل، فيما النتيجة الوحيدة أن الفاسد طليق والمجرم حر والمرتكب يحاضر بالعفة، فيما الصالحون مكبلون أو مترددون أو صامتون.
حقا، أمرنا في لبنان غريب عجيب، ولائحة الغرائب والعجائب تطول، أو هكذا كان يمكن القول حتى مساء أمس.
فمنذ أربع وعشرين ساعة تقريبا، لم يعد أي شيء مستغربا في لبنان، وباتت العجائب التي على أشكالها تقع، جزءا شرعيا من حياتنا العامة، في السياسة والإعلام.
فماذا يمكن القول غير ذلك، عن بلد وصل فيه البعض إلى حد الربط بين حملة أعدتها وزارة السياحة للتسويق للسياحة الشتوية في لبنان، وبين التسويق لشخصية سياسية هي جبران باسيل، لمجرد صدفة ورود حرفين من إسمه على شكل قلب، بالنسخة العربية من الحملة… ليشغل الموضوع رواد مواقع التواصل طيلة النهار، فيما كان المأمول أن تملأ الصفحات الافتراضية، صور ودعوات تدعو المغتربين، وما أمكن من سواح، للقدوم إلى لبنان، دعما للاقتصاد المترهل، والوضع التعبان… ومن هذا الموضوع نبدأ نشرة الاخبار.