صحيح أن المسيحيين في لبنان ليسوا موحدين، لكنهم في الوقت نفسه غير مقسومين.
فعلى المستوى السياسي، لم يكن المسيحيون في لبنان يوما من رأي واحد أو حزب واحد، لكن قناعاتهم على المستوى المبدئي الوطني لم تكن يوما متباعدة، بقدر التباعد الحزبي.
فمن من المسيحيين مثلا، لا يريد لبنان حرا سيدا مستقلا، ومن منهم لا يرغب بأن يتمتع جميع المواطنين بالحقوق نفسها، وأن تتساوى كل الجماعات بالواجبات عينها تجاه الدولة؟
من منهم لا يريد جيشا قويا وقوى أمنية فاعلة؟ ومن لا يتمنى أن تكون للبنان علاقات متينة مع كل الدول الشقيقة والصديقة في الشرق والغرب بما يحقق مصلحة الوطن؟
من من المسيحيين يرضى بمنطق الفرض، ومن يقبل بذهنية التحدي للشركاء في الوطن؟
من منهم لا يريد اقتصادا منتجا ووضعا ماليا سليما؟ ومن السعيد من بينهم بالتدهور القضائي وانعدام العدالة، واستحالة الاصلاح ومحاربة الفساد؟
هذا طبعا على المستوى الشعبي.
أما على مستوى السياسيين، فالتنافس دوما مشروع، طالما الاحتكام دائما الى صناديق الاقتراع، لا الى السلاح، والى الاقناع، لا الى شراء الضمائر، والى مقارعة الحجة بالحجة، لا الى التحريض والشتم والإهانات.
في حضرة سيدة لبنان اليوم، الصلاة كانت واحدة، والصورة جامعة. أما المبادرة الى اتخاذ القرارات المناسبة، فرهن التحرر من المصالح السياسية الآنية، ومن كل ارتباط مع الخارج، كما في الشرق، كذلك في الغرب.
وما يصح على المسيحيين المجتمعين اليوم برعاية بكركي، ينطبق طبعا على سائر اللبنانيين، لأن قدركم أيها اللبنانيون هو العيش معا كيفما تقلبت الظروف، فابحثوا عن الطريقة الأفضل لذلك، كما دعاكم امس الرئيس العماد ميشال عون.