قيل الكثير، وسيقال اكثر، في التفاصيل التي رافقت جلسة اليوم، تحضيرا، ومجريات، ونتائج.
غير ان الجوهر، الى جانب الفراغ الباقي والمستمر حتى اشعار آخر، يكمن في الخلاصات الآتية:
اولا: أسقطت جلسة اليوم الى غير رجعة منطق الفرض الذي حاول فريق سياسي معروف اسقاطه على اللبنانيين، حيث جاء الرد من ساحة النجمة، اكثرية نيابية واضحة رفضت منح صوتها لمرشح الثنائي، فاختارت اما مرشح التقاطع بين المعارضة والتيار الوطني الحر، او خيارات اخرى في ذات السياق.
ثانيا: اكدت جلسة اليوم المؤكد لناحية عدم قدرة اي فريق وحيدا على توفير نصاب الثلثين، ولا حتى اكثرية النصف زائدا واحدا لأي مرشح.
ثالثا: اكدت جلسة اليوم المؤكد ايضا لناحية امكان تعطيل النصاب من قبل اي من الفريقين، فنواب الثنائي غادروا الجلسة بعد الدورة الاولى منعا لفوز جهاد ازعور في الدورة الثانية. ولو كان التقدم لمصلحة سليمان فرنجية، لفعل ذلك النواب الآخرون.
رابعا: حسمت الجلسة بأن اي محاولة لتخطي المكون المسيحي في انتخابات رئاسة الجمهورية ستبوء بالفشل، فالمختلفون تقاطعوا وسيتقاطعون طالما استمر التجاوز، وهذا ما ينطبق حكما على سائر المواقع والمكونات.
خامسا: اعطت الجلسة مؤشرا واضحا الى ان التقاطع المستقبلي المطلوب هو بين غالبية الافرقاء اللبنانيين تحت عنوان الحوار للتوافق خارج اطار التهديد والوعيد وسائر اشكال الكلام غير المألوف في الحياة السياسية اللبنانية.
سادسا: كرست الجلسة الخيار المستقل للتيار الوطني الحر، من دون اي انقلاب على القناعات، واعلنته ميزانا سياسيا وانتخابيا في الاستحقاق الرئاسي، فلو انتخب نواب التيار فرنجيه لكان رئيس المردة اليوم رئيسا، ومن دون التيار في المقابل، لا وزن فعليا للمعارضة ولا هامش سياسيا لها.
سابعا: كذبت الجلسة كل الشائعات والتمنيات المرتبطة بانقسام التيار، فالتزم النواب الحزبيون قرار القيادة كما كان متوقعا وطبيعيا وبديهيا، على رغم التأويلات والتخيلات التي استمرت الى ما بعد الجلسة.
ثامنا: كسرت جلسة اليوم الحصار الذي كان مفروضا في مراحل سابقة على التيار ورئيسه جبران باسيل داخليا وخارجيا، واكدت دوره كلاعب محوري في المرحلة المقبلة.
تاسعا: اثبتت الجلسة ان اللبنانيين غير قادرين، بفعل التركيبة السياسية والدستورية القائمة منذ الطائف، على انتخاب رئيس لجمهوريتهم من دون تدخل خارجي. ففي زمن الوصاية، كان السوريون يختارون الرئيس. وفي مرحلة ما بعد الوصاية، لم ينتخب أي رئيس الا بعد فراغ، ومداخلات من معظم عواصم الاقليم والعالم. ومن هنا تتجه الانظار نحو اللقاء المرتقب يوم الجمعة بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، فيما يصل الى بيروت الموفد الفرنسي الجديد الاثنين لإقامة طويلة.
عاشرا واخيرا: قدمت الجلسة مثالا جديدا عن السلبيات التي تحيط بإدارة جلسات المجلس النيابي، بدليل تدخل الرئيس نبيه بري منعا لأحد النواب من المطالبة بعقد جلسات مفتوحة، وليس انتهاء بالخطأ الذي حصل في عد الاصوات، ورفع الجلسة على رغم المطالبات النيابية بالتصحيح.