تماماً كما لم يعد ما بعد الثاني من حزيران كما قبله، كذلك لن يكون ما بعد الثاني من تموز كما قبله. ففي الثاني من حزيران، استبدل ميشال عون وسمير جعجع ربع قرن من الخلاف، بورقة نوايا، أُبلغ سامي الجميل اليوم أن نيات الدفع بها إلى الأمام قائمة من الجانبين. وفي الثاني من تموز، أُسدل الستار على ربع قرن من التهميش والإقصاء ومحاولات الإلغاء، بنية واضحة للتصدي لأي تجاوز يقع بعد اليوم، بوسيلة تبقى “سرَّ المهنة”. فبكل المعايير الميثاقية والدستورية والقانونية، ووفق جميع الأدلة السياسية، وبناء على الثابت والمتلوِّن من المواقف، يبدو أن جلسة مجلس الوزراء، التي ترأسها تمام سلام اليوم، لن تمر مرور الكرام، بل ستشكل تحولاً مفصلياً في مسار الأحداث، منذ عام ونيِّف على الأقل، أي منذ تسببت داعشية سياسية ما، بالشغور الرئاسي، وبتولي الحكومة الحالية مجتمعة، على ما هو مفترض، صلاحيات الرئيس. وهذه النقطة بالتحديد، نقضتها جلسة اليوم، وما رافقها من تصرفات ومواقف وربما مناورات، أدت في المحصلة إلى ضرب كل مواد الدستور، دستور الطائف بالتحديد، التي تتناول أصول عمل مجلس الوزراء، إضافة إلى ما تم التوافق عليه، في زمن الوفاق العابر، الذي صلَّت عليه الحكومة الانقلابية اليوم. أما الأخطر والأدهى مما سبق، فمحاولة البعض التسويف في السياسة والإعلام بأن مرسوم الدعوة إلى دورة استثنائية للمجلس النيابي طرح، ولم يحز على النصف زائداً واحداً من الأصوات. فيما الحقيقة أن الموضوع لم يطرح على الشكل المذكور ، بل اقتصر على تجوال وزير يتيم في أروقة السراي، ساعياً من دون نتيجة إلى جميع التواقيع، في تصرف يمهد إلى تسديد لكمة جديدة إلى الرئاسة المفقودة، والميثاق المخطوف، تماماً كأهالي العسكريين الذين أعادوا اليوم تحرك القضية. الأهالي غضبوا، فانفجروا. أما نحن، جماعة ما بعد الثاني من تموز، فلا تدفعونا إلى الانفجار. هذا ما أعلنه ميشال عون من الرابية اليوم.