هناك صنفان من البشر…من يتفرّج ومن يبادر. الفرق بين الاثنين، أن الأول يتلقى، أما الثاني فيسعى الى صناعة التاريخ. الأول يُفرَضُ عليه، والثاني يَرفض الانصياعَ الاّ لقناعاته. هي الحال مع اليوميات اللبنانية. فمنذ خمسةٍ و عشرين عاماً، وامام استمرار انتهاك السيادة وسَجن الحرية ورَهن الاستقلال، هناك من وقف ليقول لا، في مقابل من وافق ورضخ وشارك في نحر الجمهورية…وعاد بعد خمسة عشر عاماً في لحظة الرابع عشر من آذار ليغسل يديه من دم الوطن، على غرار بيلاطس. قبل عقود وقف مارتن لوثر كينغ ثائراً على الطغيان والخنوع ورفضِ الآخر، قائلا: لا يستطيع أحدٌ ركوبَ ظهرِك الاّ اذا انحنيت. في لبنان اليوم من يرفض الانحناء، امام تكرار مشهد الخضوع والكرامة، بين من يتصدى للامر الواقع ومن يرضخ امام جلاديه الذين يقضون على مسيحيي المشرق بالسيف ويريدون القضاء عليهم في لبنان بالسياسة. لكن البداية من بشاعة أخرى، من طفولة يُعتدى عليها وتقتل وتخطف في مقابل فدية.