في لبنان ثروة اسمها نفطٌ وغاز تحت الأرض والبحر. وكارثة اسمُها نفاياتٌ وأوساخ فوق الأرض وعند الشاطئ… وفي العلم والمنطق والحد الأدنى من العقل والدراية، أن المطلوب سلطة سياسية، تستخرج الثروة من باطن الأرض، وتطمر القمامة تحتها… لكن انقلاب العقل بلغ بالمسؤولين اللبنانيين حداً فظيعاً… إذ يبدو أنه التبس عليهم الأمران. فقرروا إبقاء الثروة مطمورة. وإبقاء الزبالة منشورة. ولم يفهموا الظاهر، أن الغاز هو للاستخراج، والوسخ هو للاستبطان … لم يفهموا أن الغاز إذا صار فوق الأرض يتحول ثروة. فيما النفايات إذا لم تعالج لتطمر، فقد تتحول ثورة … إلى هذا الحد بلغ انقلاب المنطق في لبنان. لا بل أسوأ. بحيث تشكلت حكومة كاملة، منذ 18 شهراً كاملة، ولم تخصص اجتماعاً واحداً للبحث في كيفية استخراج ثروة وطنية، ولم تنجح عبر سلسلة جلسات ماراتونية، في كيفية دفن كارثة بيئية … لماذا؟ ربما لأن فيها وزيراً مثل سمير مقبل. يفرض عليه قانون الدفاع الوطني أن يقترح اسماً لتعيينه رئيساً للأركان، فيأتي إلى مجلس الوزراء بنصف دزينة… ويطلب منه القانون نفسه اسماً لقيادة الجيش، فيأتي بدزينتين من الأسماء… حتى أنه نسي المراكز الأخرى الشاغرة في وزارته. لم يحفظ منها إلا ثلاثة. ربما لأن في جاروره قراراً بالتمديد غير القانوني وغير الصحي، للثلاثة معاً. تمديدٌ أزمة، وتمديدُ لأزمة قد يصدره مقبل فرماناً همايونياً غداً… مسرحية مقبل في جلسة مجلس الوزراء اليوم لم تكن الوحيدة. إذ واكبتها مسرحيات أخرى…