بعدما صادروا أصوات الورق مرتين، حان وقت أصوات الأقدام، ولو لمرَّة. رسالة ولا أوضح إلى اللبنانيين، ولاسيما المسيحيون، وإلا فنينوى بئسُ المصير، وموتٌ أبدي لا قيامة، بعد آلام عشر سنين. فمنذ التآمر مع الخارج لمنع العودة بالجسد، ثم التآمر الرباعي لمنع العودة في السياسة، ومسيرة الحفاظ على مكتسبات الوصاية السورية مستمرة. مستمرة بقانون الانتخاب، ومستمرة بالتشكيلات الحكومية، ومستمرة بإفراغ الدولة من الرأس، بالإصرار على إفراغ النص من الروح، والدستور من الميثاق. أما اليوم، وبعدما طفح كيل الخروج على أوضح القوانين، وأبسط قواعد الأخلاق، من خلال التمسك بتأخير التسريح، ورفض القوننة حفظاً لماء الوجه، لم يبقَ للبنانيين والمسيحيين، إلا الأقدام.فوحدها الأقدام قادرة على الحسم. لا النووي الإيراني، ولا لقاء ثلاثي في الدوحة، أو ثنائي في طهران. وحدها الأقدام قادرة على حسم خيار اللبنانيين بين شبه دولة غضَّت النظر عن تطرف تنقل بين الأطراف، ودولة فعلية تبسط سلطتها على كل شبر من أرضها، دونما حاجة إلى أي دعم أو سند. وحدها الأقدام قادرة على الحسم بين شبه جيش يدافع عن نظام، وجيش قوي يحمي الوطن. وحدها الأقدام، تحسم القرار بين شرعية الشعب، وشرعية الهرب إلى الأمام في انتظار تسوية ما، في مكان ما، تكرس استبدال وصاية الخارج بوصاية داخل، كان في مثل هذه الليلة قبل أربعة عشر عاماً، ينام على حرير السابع من آب، قبل أن يستيقظ في التاسع من الشهر عينه، على ما لم يكن في أي حسبان.