وسط المآزق والمزابل، بدا اللواء عباس ابراهيم آخر سفير للنيات الحسنة في جمهورية النيات النتنة … طرح الرجل مبادرة أولى عنوانها رفع سن تقاعد الضباط، من ضمن إعادة هيكلة شاملة للجيش… ثم طرح مبادرة تعديل بعض الرتب، من أجل توسيع قاعدة حاملي رتبة لواء … وفي المبادرتين كان حرصٌ على أن تكون الخطوة بموجب قانون. بما يسمح بتأمين حل شامل للقيادات الشاغرة وللحكومة المعطلة وللمجلس المتعثر … لكن، وفي المبادرتين، سارع فؤاد السنيورة إلى الرفض بنية التعطيل… ولم يلبث أن اصطف خلفه وزراء سامي الجميل وأليس شبطيني، بنية التجميل والتهويل… هذا فيما رئيس مجلس النواب نبيه بري على شرطه في فتح المجلس بلا قيود، والقوى المسيحية على موقفها في ضرورة إدراج قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية على جدول أي جلسة تشريعية، تطبيقاً لمبدأ تشريع الضرورة… هكذا أقفلت الحلقة واكتمل المأزق. كان يمكن لتمام سلام أن يحاول كسره في ثغرة ما… أن يطير إلى الرياض محاوراً، أو أن يضبط رعونة سمير مقبل، ولو مناوراً… لكنه اكتفى باللاشيء…. واللاشيء يعني الانتظار وتعبئة الفراغ بالفراغات المناسبة. وذلك لإلهاء الناس عن واقع، أن بلداً بكامله بات ينتظر ولداً في مشيخة والده، عله يشفق علينا ويسمح لحكامنا بأن يكونوا حكاماً ومسوؤلين ورؤساء… في هذا الوقت، تتنزه النفايات في كل لبنان. تماماً كما كان يتنزه أسيرُه بين القصور ودور النواب ومخابئ مدراء ماليتهم…وفي هذا الوقت يزداد العنف والدم في كل حفلات الجنون والحقد… يموت الناس في بحر طرابلس أو في بر كترمايا… وفي هذا الوقت بالذات، ذرف ميشال عون دمعة فخر وفرح، إيذاناً بعهد جديد بين أبنائه … دمعة وعهد نعرضهما بالصوت والصورة، بعد قليل.