أن ترصدَ الدولة اعتماداتٍ ومبالغَ لمنطقةٍ لبنانية تحت عنوان “الإنماء والتنمية”، فهذا أمرٌ مفهومٌ ومطلوب. لكنْ أن تخصصَ الحكومة منطقةً بمطمرٍ ومكب، ومن ثم ترشوها بالمال وتُعفيها من رسوم الكهرباء لتسهيل “صفقة النفايات” و”تمرير الكوميسيونات”، فهذه رشوةٌ موصوفة ومحاباةٌ مكشوفة، وراءَها جهاتٌ معروفة … في كسروان يعاني الناس ويموتون منذ عشرات السنين جرّاء تلوث معمل الزوق، ولم نسمع يوماً من الحكومة أنها تريد التخفيفَ عن كاهل سكان المنطقة بإعفائهم على الاقل من رسوم الكهرباء التي لا تصلُ منازلَهم منذ اكثر من عشرين عاماً اكثرَ من إثنتي عشرة ساعة في اليوم… أما في الشمال، وتحديداً في الكورة وشكا والمحيط، فحدّث ولا حرج … عشراتُ الوفيات بالسرطان، جرّاء تلويث معامل الترابة والإترنيت، ولا تكلّف الدولة نفسَها على الاقل معالجة هؤلاء او التعويض عليهم والتخفيف من معاناتهم .ولا ينفعُ القولُ هنا انّ الشركات مؤسساتٌ خاصة وليس مِرفقاً عاماً… الامرُ نفسُه ينطبق على اقليم الخروب ومعامل “سبلين”، التي تتشارك مع شكا في رفد المواطنين والبيئة والارض بكل انواع السموم والهموم إرضاءً لأولياء المذاهب وأوصياء المناطق … وبالرغم من ذلك، الناعمة ترفض إعادةَ فتح المطمر ولو لساعةٍ واحدة. وعكار، خزّان الجيش وقلعة المؤسسة العسكرية، ترفض ان تتحولَ الى مزبلةٍ مقابلَ حُفنةٍ من الدولارات. واهالي منطقة ساحل المتن لن يُلدَغوا من جبل النفايات في برج حمود مجدداً، في وقتٍ تحوَّل مكب النورماندي الى ارضٍ تَدُّرّ لبناً وعسلاً وثرواتٍ ودولارات… خطة شهيب – جنبلاط تترنح، ومعادلة 6 و6 مكرر التي وَزّعت النفايات على جميع اللبنانيين – من باب اللامركزية الادارية التي انتظرها اللبنانيون ستةً وعشرين عاماً، عبر العدالة الانمائية والاجتماعية والاقتصادية وليس من طريق القمامة وتبييض النفايات – قد لا تكونُ حظوظُها مُيسّرة.