يوم انقض عسكر السلطة القائمة على طلاب التيار ونوابه، على مرأىً وصمتٍ من أهل البرلمان والحكومة، في 9 تموز الماضي، اتصلت سيدة أخذتها الحماسة، بابنة العماد عون. كانت صوتها متهدجاً وهي تسأل: أين سنتجمع لنعترض ونستنكر؟ فأجابتها العونية البكر، بين المزحة والعفوية: سنلتقي في ساحة بعبدا. وسنعتصم هناك، ونملأ الأرض، حتى ندعوه للعودة إلى بيت الشعب! بعد دقائق قليلة، سُجل استنفار أمني استثنائي في بعبدا ومحيطها وصولاً إلى كل الطرقات المؤدية إليها… كانت أجهزة السلطة الساهرة على مكافحة الإرهاب ومواجهة اسرائيل وعلى رصد سكاكين داعش وخناجر القاعدة وتفجيرات التكفيريين …كانت ساهرة أيضاً للتنصت على مكالمة بين صديقتين … هكذا ولدت فكرة بعبدا… تأكد الجميع أن المكان يوجعهم. أن رمزيته لا تزال بعد 25 عاماً ترعبهم. وتيقن المعنيون أن الحنين لم يخب، وأن النار لم تنطفئ، وأن البيت لا يزال ينده أصحابه. وأن حارس العتبة لا يزال متأهباً، فكيف لا يتأهب أبداً، من كان أصلاً شعباً؟! نامت الفكرة في توقد جبران باسيل. من 9 تموز حتى 20 أيلول. يومها، يوم تجديد العهد والعقد، أطلقها رئيس التيار: إلى بعبدا! حتى أزف الموعد اليوم. فكان الزحف، كأنه ذاك اليوم. كأن ربع قرنٍ لحظة. كأن جيلاً كاملاً بل كل الأجيال في يقظة. كأن شعباً دُعي فلبى النداء، من باب الوطن إلى محراب القصر. من كبوات الفتن خرجوا على طريق النصر… أقفلوا بويتهم والدروب. من الشمال إلى الجنوب. لم يخذلوه مرة. ولم يخيب ظنهم مرة… استهل بنغمة صلاتهم: يا شعب لبنان العظيم. وختم بنعمة رجائهم: إجا مين يعصرك يا خروب … ماذا قصد العماد بذلك؟ الجواب بعد ثوان قليلة …