بات من الأكيد المؤكد، أنه حين خلق الله الشتاء، طقساً سنوياً مقدساً يغسل به أرضنا ويمسح عن وجهها عرق الفصول… لم يكن يعرف أنه في شتاء سنة 2015، ستكون هناك حكومةُ مسخرة وطنية في مكانٍ ما من هذه الأرض، اسمُه لبنان … وبات من اليقين المتيقِّن، أنه حين آمن آباؤنا والأجداد بأنّ المطر خير، لم يكونوا ليتصوروا لحظة أنّ يوماً سيأتي، تصير فيه تلزيمات النفايات خيراً في جيوب مجموعة من اللصوص، ويتكدس مئة ألف طن من نفايات بيروت وضواحيها على أعتاب بيوتنا، حتى يأتيَ المطر ويحولَها أسوأ كارثة بيئية في تاريخ لبنان … من المسؤول؟ طبعاً المسؤولية أولاً على حكومات متعاقبة سرقت منا أكثر من ملياري دولار وتركت لنا أوساخها والنفايات … والمسؤولية ثانياً، على نظام سياسي انتخابي، منعنا جميعاً، مواطنين ومجتمعاً مدنياً وسلطةً رابعة مكبلة غالبا ومستنفرة غب الطلب، منعنا كلَّنا من محاسبة هؤلاء طيلة ربع قرن… يوماً بذريعة الوصاية، وأياماً بذريعة الحماية الطائفية والمذهبية والقبلية والزبائنية … في النتيجة، ها نحن اليوم نجني ما زرعناه… بلدٌ كامل يعوم على طوفان من وسخ، لمجرد أن الله لا يزال يعتقد أننا لبنان الأخضر، ولا يزال يرسل إلينا المطر… ليرويَه ويروينا … غداً على طاولة الحوار المكتمل ميثاقياً، يُفترض أن تكون هناك أولويتان اثنتان لا غير: أولاً، حلٌ جذري للنفايات، يبدأ بسجن كل لصوصها عبر عشرين عاماً… وثانياً تغيير نظام سياسي انتخابي، سمح للصوص بأن يسرقونا بلا محاسبة، وسمح لهم بإغراقنا بالنفايات بلا مساءلة … ماذا وإلا… فالطوفان الكبير لا بد آتٍ …