اذا اراد اي لبناني يجلسُ في منزله الآن ان يصدق بيان السفارة السعودية عن لقاء العسيري بوزير الداخلية نهاد المشنوق اليوم، فعليه ان يتخيل السيناريو التالي: دخل السفير، صافحه المشنوق، تبادلا السلام والتحيات، اطمأن كل واحد على صحة الآخر، جدد سفير المملكة الحرص على استقرار لبنان، استأذن… وغادر! الا ان عذرية افكار المتابعين، ولو بلغت حتى حد السذاجة والاستغباء، لا يمكن ان تصدق ما قيل عن ان اللقاء لم يتطرق الى قضية سمو “امير الكابتغون”، حفيد آل سعود… فالتجارب السعودية مع نزوات وارتكابات الامراء، من واشنطن الى لندن وغيرها، تُبقي علامات الاستفهام كبيرة، على رغم ما قاله السفير السعودي عن عدم التدخل في القضاء اللبناني الذي باتت القضية في عهدته، مقدراً نزاهته ومعرباً عن ملء الثقة به… واذا كان سفير المملكة آثر في العلن عدم التدخل في الشؤون القضائية، فانه، وبالفم الملآن، اقر بالتدخل بالتفاصيل السياسية: فاستعمل مونته، ومونة مملكته وقيادتِها، ليذكر العسيري المشنوق بأهمية مشاركته في الحوار… فاطاحت كلمة السر السعودية بكلمات المشنوق اللاذعة بحق حزب الله. وعاد الوزير، بعد ساعات من لقاء السفير، ليسلك طريق عين التينة، ويجالس اعضاء وفد حزب الله ويحاورَهم… لتنتهي زوبعة الايام العشر من التصعيد بسلام وكلام… ويعود الحوار، ولو كان فقط للحوار!