كان يفترض بطاولة الحوار اليوم أن تبحث مسألتين طارئتين: أولاً موقف لبنان المرتقب غداً في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة… وثانياً كارثة النفايات … البند الأول كان ضرورياً وملحاً وطارئاً، حتى لا يخرج أحدهم غداً ليزعم أنه آخر من يعلم أو أن أحداً لم ينسق معه … وبند النفايات كان ولا يزال أولوية، لأن صحة كل اللبنانيين باتت معلقة على كيس نفايات عالق وعلى طمع ديك بمزبلة … لكن فجأة هرب أركان الحوار من المسؤوليتين … سحب تمام سلام مسألة الاجتماع العربي، متذرعاً أنها من صلاحيات الحكومة … كأن ما يطرح على طاولة الحوار هو أصلاً من صلاحيات اللويا جيرغا الأفغانية … ثم تهرب الجميع من كارثة النفايات، كأنها مسألة هامشية من الكماليات، ويمكن أن تنتظر 29 شباط المقبل … لماذا الهروبان؟ أولاً هرب زعماؤنا من قضية الموقف العربي، كي يغطوا ازدواجية خطابهم جميعاً من مسألة حزب الله والسعودية … علهم بذلك يحرقون جبران باسيل وحده، ثم ينتشون بدخان حريق فريقه، الذي يقامرون على موته سياسياً أو حتى جسدياً، منذ 11 عاماً… وثانياً، هرب زعماؤنا من بحث كارثة النفايات علناً، لأنهم يدركون تماماً أن حلها يكمن في تهريبة جديدة، لا تتم إلا في السر والظلمة والزواريب والدهاليز … على طريقة محاصصة المزابل الأربع لديوك المذاهب، بعد فضيحة محاصصة الترحيل المزور … وحده سلميان فرنجيه فش خلقه اليوم… فأفرج عن بعض مكنوناته والمكبوتات … ولو من طرف واحد … لكن الأكيد الأكيد، أن أحداً لم يبحث على طاولة الحوار، كيف نحمي الوطن، وماذا عن أخبار عودة مشروع داعش إلى الشمال … إلى ذلك الشمال ذهبت الأوتي في، كما تكشف في نشرتها.