قبل نحو أسبوع، خرجت صحيفة أكثرية بعنوان صاعق، على حجم مانشيت صفحة أولى: إرهابيان في مطار بيروت! وفي التفاصيل هناك دائماً معلومات مؤكدة وجهات رسمية ومصادر موثوقة. لا بل ذهب التدبيج أبعد، فتحدث عن ضبط مواد متفجرة في خزانة أحد المفترضين إرهابيين، ومسدس لدى الآخر … في اليوم التالي مباشرة، وُزع خبر من سطرين، بحرف صغير، في زاوية صفحة داخلية … عنوانه أن الجيش أطلق سراح موقوفي المطار، لعدم ثبوت أي شبهة عليهما … هذا ليس خطأ، ولا سهوا وعفواً ولا تسرعاً صحفياً. وهو ليس مسؤولية وسيلة إعلامية ولا نتاج عملها. هذا نهج ثابت في التعامل مع الناس والرأي العام، من قبل سلطة كاملة، وطبقة سياسية متكاملة … أخطبوطية ومتخبطة معاً… من منا يذكر بعد، ماذا حصل في فضيحة النفايات وتزويرَي سييراليون وروسيا؟ ومن منا سيسأل بعد عن المزورين ومصيرهم؟ من منا يذكر بعد، فضيحة الإتجار البشر، والحديث عن رؤوس كبيرة وحمايات أمنية؟ من منا سيذكر بعد أسابيع، فضيحة الإنترنت وتجسس اسرائيل ومئات الملايين المهدورة؟ علماً أنها فضائح طازجة. والأخطر أنها جرائم متمادية…. ومع ذلك محوها من ذاكرة المحاسبة والمحاكمة والمقاضاة … النهج نفسه يطبقونه في كل صغيرة وكبيرة. في الانتخابات النيابية التي طارت. وفي البلدية المهددة بالتطيير. وفي الرئاسية المأزومة بين أن يعينوا لنا رئيساً، أو يحمّلونا مسؤولية فراغهم وفراغاتهم … كل شيء عندهم نسجُ أكاذيب وأساطير، كي ننسى فيروس الفساد لا غير… لكننا لن ننسى. لمجرد أن فيروس الفساد قاتل. فإما أن نبيده وإما أن يبيدنا. تماماً كما مأساة دواجن البقاع… مع فارق جازم حاسم، أننا لا نتلقى توجيهاتنا من وسطاء الرقيق الأبيض، ولم نكن يوماً مدجنين، ولن نكون.